فتشي عن الأمراض " النفسجسمية"
في ظل ضغوط الحياة يعاني الكثير منا من آلام شديدة بدون أي مرض جسماني، لكن هل فكرت يومًا أنكِ تعانين مما نسميه في الطب النفسي بالأمراض "النفسجسمية"،
فالنفس والجسد مرتبطان، وكل منهما يؤثر في صحة الآخر. هذه حقيقة علمية. ولكن هناك الكثير من الآلام التي يتحملها المريض لإغفاله تمامًا للجانب النفسي، فيتأخر العلاج وتتقهقر الحالة. فالقلق الحاد والانفعال الدائم والغضب المكتوم وضغوط الحياة التي لا تنتهي إلى جانب مواقف الفشل والإحباط. كل هذه العوامل ترهق الجسد إلى حد المرض.
من جانبها أكدت أميرة حبراير استشاري الصحة النفسية أن من أشهر الآلام الناتجة عن اضطرابات نفسية آلام الصداع النصفي، ويصفه من يعانيه بالمطارق التي تدق رأسه، وهو يشمل نصف الرأس أو الرأس كله، ويبدأ عادة خلف العين على جانب الدماغ، ثم تتسع دائرته لتشمل العين والأنف والرأس، وقد ينتشر على الجانب الآخر، وهو يفسد ساعات وأيام المريض ويصيبه بالإرهاق، ويمنعه من النوم ويظل كذلك ساعات، ثم يزول تدريجيًا، ويعود مجددًا بعد يوم أو أسبوع أو شهر.
ومن الأشياء المؤكدة أن هناك علاقة بين قرحة المعدة وقرحة الاثنا عشر، وكذلك القولون العصبي بالحالة النفسية. كما ثبت أن أزمات الربو الشعبي يزداد عددها وتزداد حدتها مع اضطراب الحالة النفسية، وكذلك مرض الروماتويد الذي يصيب المفاصل. والمؤكد أن النكسات وازدياد حدة الأعراض تكون مرتبطة بالحالة النفسية. وفي معظم الأحوال لا يعترف المريض بأنه يعاني ضغوطًا أو صراعات، وهذا إنكار لا شعوري، فمشاكله قد تم كبتها، فأصبح لا يدري عنها شيئًا فهو يعاني منها، ولا يدركها بل إنه لا يريد أن يدركها لأنها تسبب له ألمًا نفسيًا. وبديل الألم النفسي هو قرحة المعدة أو ارتفاع الدم أو تورم المفاصل أو التهاب الجلد أو القيء.
وهناك نوع آخر من الأمراض النفسجسمية، وهو أن المريض يشعر بالوهن الشديد فيظن أن به مرضًا، ويشكو من رأسه ومن بطنه وصدره وقلبه، ويتناول عشرات الأدوية، وينتقل من طبيب إلى آخر، ويعمل عشرات الفحوصات والأشعة، ويؤكد له الطبيب خلوه من أي مرض، ويستريح يومًا أو بعض يوم ثم تعاوده الهواجس والآلام.
ويتعذب المريض بالفعل وأسرته أيضًا تتعذب، فهو لا يكف عن الشكوى، ولا يكف عن المطالبة بالذهاب إلى الطبيب العضوي ليفحصه، ويقول له في النهاية أنت سليم ويستريح قليلا ثم تعاوده الهواجس والآلام مرة أخرى، وتتدهور حالته بعد أن يرفض أهله بحزم أن يذهب إلى طبيب عضوي آخر بعد تأكدهم من سلامة الفحوصات.
وأؤكد أن هذا المريض يحتاج إلى مساعدة.. فالأسرة عليها أن تسمع شكواه، ولا تسخر منها ولا تظن أن آلامه غير حقيقية، فهو يتألم فعلا، ولكن الطبيب الذي يجب أن يذهب إليه هو الطبيب النفسي.
نصــائح
1- علينا أن ننتبه إلى أن بعض الأمراض تلعب الحالة النفسية دورًا أساسيًا في ظهورها، وأن التأخر في زيارة العيادة النفسية يؤدي إلى تدهور الحالة.
2- على الأسرة أن تقاوم رفض المريض للعلاج النفسي، وأن تدفعه إلى فحص الحالة النفسية لتحديد علاقتها بالمرض الذي يعانيه.
3- على الأسرة أن تناقش مع الطبيب النفسي وبصراحة نوعية الضغوط والصراعات التي يعايشها المريض.
أضف تعليقا