العباءة السوداء عبر التاريخ
نظرة على تاريخ العباءة السوداء في يوم التأسيس
لا تعتبر العباءة السوداء مجرد زي عادي، بل ارتبطت منذ القدم بالمرأة الشرقية الخليجية تحديداً وكان لها تأثير كبير على اطلالتها. لهذه العباءة تاريخ طويل بدأ منذ حوالي الأربعة آلاف عام وتطور مع الزمن لنصل الى ما هي عليه اليوم. مع بدء العد العكسي ليوم التأسيس الذي تحتفل به المملكة العربية السعودية، كوني السباقة لمعرفة هذا التاريخ وللولوج في تفاصيل جمّة كنت تجهلينها عن هذا الزيّ التقليدي الجميل.
بداية العباية السوداء
في بداياتها لم تكن العباءة قطعة "على الموضة" كما هي عليه اليوم، بل كانت زيّاً تقليدياً وعبارة عن فستان طويل بأكمام واسعة ترتديه النساء، وخصوصاً في الخليج العربي، لتغطية رؤوسهنّ وملابسهنّ من أعلى إلى أسفل. وذلك احتراماً لتقاليد تلك البلدان وعاداتها. ويطلق على بعض تصاميمها في هذه الحالة تسمية "النقاب" أو البرقع".
ولا وجود لتواريخ واضحة تكشف متى بدأ تصميم العباءات النسائية السوداء، إلإ أنّ بعض الخبراء يرون أنّها وجدت في خزانة المرأة منذ نحو 4 آلاف عام، أي منذ الحضارات القديمة. فقد أثبتوا حضورها في بلاد ما بين النهرين حيث كانت النساء يرتدين أزياء بتصاميم طويلة وواسعة تشبه العباءة، وإن كانت حينها لا تحمل الإسم نفسه.
وبحسب بعض الباحثين في تاريخ ذلك الزمن، كان ارتداء العباءة والحجاب دلالة على حياة الرفاهية. فهي كانت زيّ النساء اللواتي لا يقمن بأي عمل، أي بنات العائلات الثرية. ومن خلالها كان يتمّ التمييز بينهنّ وبين نساء الطبقات الشعبية.
ومع انتشار الإسلام أصبحت للعباءة مكانة مهمّة وباتت ترتبط بالتقاليد الدينية وبحماية المرأة من التعرّض لأي ردود فعل مسيئة على مظهرها. وفي سنوات التسعينات تحديداً دخلت العباءة السوداء التقليدية منعطفاً جديداً وأضيفت إليها تفاصيل من الدانتيل والتطريزات والترتر الأسود.
العباءات السوداء التقليدية في السعودية
تحتلّ العباءة السعودية السوداء مكانة مهمّة في تاريخ العباءة السوداء عموماً. ومع مرور الزمن تنوّعت تصاميمها بحسب المناطق والقبائل. واللافت أن الكثير من تلك التصاميم لم تكن سوداء بالكامل، بل أدخلت إليها تطريزات بأشكال مختلفة وطغى عليها اللونان الذهبي والفضي.
عباءة قبيلة سعد
عاش أبناؤها في الطائف والحجاز والمنطقة الغربية. ولأنهم كانوا ينتشرون في الحقول والقرى الواقعة على التلال وفي مناطق مطلة على الجبال الوعرة الباردة، فقد كانوا يحتاجون إلى ملابس دافئة. ولهذا كانت نساؤهم يرتدين عباءات سوداء مبطنة مع تطريز فاخر على الجوانب والأكمام وغطاء للرأس مزين بخرز معدني فضي اللون. وكنّ يضفن إليها دائماً سروالاً مزخرفاً وحزاماً فضياً فيما يتزينّ بالمزيد من الأكسسوارات في المناسبات.
عباءة قبيلة بني مالك
لا تبتعد مضارب بني مالك كثيراً عن منطقة قبيلة بني سعد وتمتدّ جنوباً. ولطالما تميّزت عباءات نسائهنّ السوداء بقصة مستقيمة تقريباً وبتطريزات طغى عليها اللون الأصفر. كما كانت تضاف إليها عادة قطع متلألئة من الزجاج تفصل بينها عقد حمراء. وأكثر ما كان يميّز هذه التصاميم الأكمام القصيرة التي تسمح بظهور الأساور فضّية اللون التي تتزيّن بها نساء القبيلة.
عباءة منطقة نجد والمنطقة الوسطى
يغلب على منطقة نجد الطابع الصحراوي مع واحات تضيف إليها لمسة من السحر. وفيما مضى كانت مساكنها تبنى من الطين المجفّف الذي يسمح بالشعور بالبرودة داخلها. ولهذا كانت الملابس ومنها العباءة السوداء تتميّز باتساعها لتمنع الشعور بالحرّ. وكثيراً ما أضيفت إليها التطريزات الجميلة والراقية. وقد صنعت غالباً من قماش التول مع إضافات جانبية من الحرير الملوّن أو المطرّز بخيوط ذهبية أو فضية.
عباءة القصيم والمنطقة الشمالية
تميّزت العباءة السوداء التقليدية في هذه المنطقة بتصميمها من الصوف السميك وتطريزها بخيوط من الذهب مع شرابات بخيط ذهبي أيضاً. وهي كانت اللباس التقليدي للعروس عشية زفافها.
العباءة السوداء في السنوات الأخيرة
لم يعد ارتداء العباءة السوداء في الماضي القريب مجرّد التزام بالفرض الديني أو بالتقاليد والعادات الاجتماعية. فقد أصبحت موضع اهتمام مُحبات الموضة والأناقة وكبار المصمّمين. وأصبح هؤلاء يبتكرون التصاميم والأساليب المختلفة ويضيفون إليها التطريزات والتفاصيل التي تحوّلها إلى قطعة تليق بالإطلالات الفريدة والمناسبات المميزة.
وتخطّى وجود هذه القطعة كونها مجرّد معطف أسود يغطّي الرأس والملابس لتصبح في السنوات الأخيرة رفيقة لتلك الملابس تزيدها تميّزاً وبتوقيع كبار المصمّمين العرب والعالميين.
ومنذ العام 2000 بدأت هذه القطعة تشهد تطوّراً في الأساليب والقصّات. بل إنّ بعض المصمّمين لم يتردّدوا في إدخال تعديلات جريئة عليها مثل النقشات الملوّنة كالفراشات والورود وغيرها. وأضاف إليها آخرون حزاماً بأشكال متنوّعة عند منطقة الخصر.
أما في السنوات العشر الأخيرة، فقد انتقلت العباءة السوداء إلى مقلب آخر وظهرت الشيلا كما طغت موضة العباءات الملوّنة المصمّمة بأقشمة طبيعية تراعي التحوّل في ذوق النساء من جهة ومتطلّبات حياتهنّ التي تأثرت بالكثير من العوامل من جهة ثانية.
ولهذا أصبحت العباءة زياً قائماً بذاته، زياً فاخراً يظهر على منصات الأزياء العالمية ويناسب المرأة في كل مراحلها العمرية.
اقرئي أيضاً:
مي عمر حديث الجمهور بإطلالتها بالعباءة في السعودية
فاطمة البنوي بفستان مستوحى من العباءة خلال مهرجان البحر السينمائي
أضف تعليقا