العقاب الجسدي وأثره على الطفل
يزداد نشاط الطفل وحيويّته خلال مراحل نموّه محاولاً بذلك التعرّف أكثر على البيئة المحيطة به وإشباع فضوله المعرفيّ لماهيّة الأشياء من حوله، فيبدي في بعض الأوقات تصرّفات غير مقبولة تثير غضب الوالدين وتدفعهما لضربه، ظنّاً بأنّها وسيلة مجدية لإبعاد الطفل عن هذا السلوك.
يؤكّد خبراء علم الاجتماع بأنّ نفسيّة الطفل تتأذّى و يتأثّر نضجه العاطفيّ والاجتماعيّ سلباً بعد ضربه وعقابه جسديّاً، لتتّسع دائرة الأذى ويتدنّى بذلك مستوى التطوّر الخاصّ بوظائفه المعرفيّة ومهارات التعلّم لديه.
اقرئي أيضًا : كيفية تعزيز ثقة الطفل بنفسه
العقاب لضبط سلوك الطفل
يشكّل العقاب أسلوباً يحاول الآباء من خلاله ضبط سلوك الطفل غير المقبول، ولا شكّ أنّ مفهوم هذا الأسلوب سيختلف بين وليّ أمر وآخر لنجد أنّ مفهوم العقاب لدى بعضهم يقوم على عزل الطفل بعيداً في غرفته ليلتزم الصمت والثبات لفترة زمنيّة معيّنة، بينما يحاول آخرون تقويم سلوك أبنائهم وتهذيب أخلاقهم متّخذين من الضرب على أماكن مختلفة من الجسد كالوجه أو المؤخّرة وسيلة ناجعة في تأديب الطفل وتعليمه السلوك الصائب من الباطل.
وقد يتطوّر المفهوم لدى بعض الآباء كي يلجؤوا إلى التعنيف الجسديّ أو اللفظيّ لعقاب أطفالهم، لتضعنا الحالة الأخيرة أمام تساؤل كبير لن نستطيع خلاله التمييز الدقيق بين العقاب الجسديّ للطفل Corporal Punishment واضطهاده Child Abuse الممنوع عالميّاً، لاسيّما أنّ الفارق بينهما يكاد يكون ضئيلاً قيد شعرة.
اقرئي أيضًا : حساسيّة الطفل المفرطة ، طبيعة أم مرض ؟
منع العقاب بالضرب حول العالم
في عام 1979، صرّحت دولة السويد بمنعها العقاب الجسديّ للأطفال في المنازل والمدارس، لتعقبها ثلاثون دولة أخرى في هذا المنع. وفي دولنا العربيّة، صدرت قوانين عدّة بمنع الضرب في المدارس، غير أنّنا لا نزال نشهد حالات يضرب فيها الأطفال من قبل أهاليهم في المنازل وحتى الأماكن العامّة دون مراعاة حقيقيّة لتداعيات هذا الضرب على الطفل لاحقاً، بما فيه بناء شخصيته القويمة وسلوكه المستقيم اللّذين يحتاجان لجوّ عائليّ يوفّر للطفل ما يلزمه ويعلّمه الخطأ من الصواب بأسلوب منطقيّ، بمعزل تماماً عن العنف والضرب كوسيلة للعقاب على عدم الطاعة والانضباط.
التداعيات النفسيّة الناجمة عن العقاب الجسديّ
أشارت الطبيبة جون ديورانت Joan Durrant، أخصائيّة طبّ نفس الأطفال وأستاذة مساعدة في قسم العلاقات الأسريّة في جامعة مانيتوبا University of Manitoba إلى أنّ العقاب الجسديّ للأطفال سيرفع مستويات العنف والعدوانيّة لديهم بعد نضجهم حيال الأفراد المحيطين بهم بما فيهم آبائهم وإخوانهم، كما أنّ للعقاب الجسديّ صلة كبيرة بتطوّر الأمراض النفسيّة لاحقاً لدى الأطفال كالاكتئاب، القلق والإدمان على الكحول والمخدّرات، كما قد يؤهّب أيضاً لارتكاب الجرائم والسرقة والانتهاكات الاجتماعيّة.
اقرئي أيضًا : العاطفة وأثرها على الطفل
وذكرت الأكاديميّة الأمريكيّة للطبّ النفسيّ لدى الأطفال والمراهقين أنّ العقاب الجسديّ قد يؤثّر سلباً على القدرات المعرفيّة لدى الأطفال وقابليّة التعلّم لديهم، كذلك سيعزّز لديهم مدى صحّة اتّباع التعنيف والضرب كأسلوب نافع لحلّ المشاكل وعلاجها.
أضف تعليقا