العاطفة وأثرها على الطفل
استناداً إلى حقائق علميّة تتأكّد يوماً بعد يوم، الأطفال الذين يحظون بتجاوب من يتولّى رعايتهم في السنة الأولى تكون فرصتهم أكبر في حياة متوازنة بشكل جيّد ومرضية، يملكون القدرة على التحكّم بالتوتّر والقلق، يبنون علاقات صحيّة، يؤدّون بشكل أفضل في المدرسة ويتمتّعون بمستوىً عالٍ من احترام وتقييم الذات، فمنذ اللّحظة الأولى التي يبصرون فيها النور، لديهم الاستعداد الكافي لتعليمنا ما يحتاجون إليه.
هذا النوع من الاهتمام مهمّ جدّاً في العام الأوّل من عمر الطفل حيث ينموّ دماغه بوتيرة تكون الأسرع من السنوات اللّاحقة، فالفصّ الأيمن في الدماغ حيث تتركز المشاعر والإنفعالات يتطوّر في العام الأوّل من عمر الطفل، فيما يتباطأ في الثاني.
اقرئي أيضًا : حساسيّة الطفل المفرطة ، طبيعة أم مرض ؟
في بحث نظريّ وتطبيقي قام به "جود كاسيدي" بروفيسور وعالم نفس من جامعة ماري لاند بواشنطن عام 2008 وجد أنّ بالإمكان ملاحظة التفاعل الاجتماعيّ من خلال تطوّر العلاقات بين الطفل الرضيع وبين والديه، فجميع الأطفال تقريباً يعيشون بحالة من التعلّق العاطفيّ مع أولئك الأشخاص الذين يهتمّون بهم، لكنّ علم النفس يجد أنّ تطوّر هذه العلاقة هي حالة بيولوجيّة كتعلّم المشي وليس نتيجة الاهتمام العاطفيّ وتوفير الوالدين للطعام أو الدفء، ونقيضاً لهذه النظريّة يرى الباحث أنّ تطوّر العلاقة بين الطفل ووالديه يعزّز الدافع لديه لبقائه على مقربة من أولئك الذين يهتمّون به، ونتيجة لذلك فهو يأخذ منهم الدفء، التعليم، التوجيه والأمان.
وعلى الرغم من أنّ الأطفال يطوّرون ارتباطهم العاطفيّ مع القائمين على رعايتهم كالأبوين أو الأقرباء، إلّا أّنّ الشعور بالأمان مع كلّ أحد منهم يختلف، فالطفل يزداد شعوره بالأمان والثقة بوالديه أو بمن يوفّر له الدعم عند الحاجة، إلّا أّنّ هذا النوع من العلاقات غير آمن، لأنّه أمر ثانويّ ينشأ بفعل الظروف، فقد تصل الأمّ بعد يوم عمل متعب لتجد نفسها غير قادرة على رعاية طفلها، أو أنّ بعض الأمّهات لا يملكن القدرة على التعبير عن عواطفهنّ أو الرغبة والمعرفة الكبيرة في تربية الطفل ورعايته.
اقرئي أيضًا : العقاب الجسدي وأثره على الطفل
لكن بشكل عام، لا يعي الطفل لمدى صدق الأمان الذي يقدّم له ولا يدرك حقيقة المشاعر الداخليّة التي لا يمكنه اكتشفاها، لذلك يعتبر الأمان الذي يحصل عليه من والديه ركناً هامّاً في التنمية الاجتماعيّة والشخصيّة للطفل.
كذلك الطفل حين يُنشئ علاقاته الاجتماعيّة مع أقرانه سيكون إشباعه العاطفيّ سبباً رئيسيّاً في نجاحه، فتطوّر الفهم العاطفيّ لديه سيساعده في تكوين صداقات قويّة، تنمية المفاهيم الذاتيّة الأكثر إيجابيّة، لأنّ تجارب الرعاية السليمة تطوّر تفكيره عن ذاته وعن الناس ليدرك كيفيّة التعامل معهم.
اقرئي أيضًا : كيفية تعزيز ثقة الطفل بنفسه
أضف تعليقا