الدهون الذاتية: بين جراحة التجميل والترميم والطب التّجديدي

أصبحت الدهون الذاتية تتصدر عناوين المؤتمرات الطبية المتخصصة في جراحة التجميل والترميم والطب التجديدي.  ‏ونعني بحقن الدهون الذاتية مجموعة الإجراءات التي يتم من خلالها نقل الدهون من منطقة إلى منطقة أخرى في الجسم.  وتتمثل التقنية في الحصول على الدهون بطريقة الشفط ‏من المناطق غير مالرغوب فيها، ومن  ثم معالجتها وتنقيتها واستعمالها في ‏المنطقة المراد علاجها.

تم عمل حقن دهون ذاتية أو نقل الدهون الذاتية أول مرة في أواخر القرن التاسع عشر،  ولا تزال الأبحاث العلمية والتجارب و الدراسات ‏تفتح آفاق علاجية جديدة،  ‏حيث ان استعمال الدهون الذاتية لا يقتصر فقط على الجراحة التجميلية ‏لملىء مناطق في الوجه ،الثدي، اليدين و الأرداف إنما يمتد إلى الجراحة الترميمية لعلاج الحروق والآثار،  وكذلك الطب التجديدي باستعمال الخلايا الجذعية الموجودة بكثرة في النسيج الدهني.

التقت "الجميلة" دكتور عبد الكريم خضير، استشاري جراحة التجميل والترميمفي عيادات A1 Clinics جدّة ليحدثنا عن هذا الموضوع. 

 

•    من يقوم بإجراء حقن الدهون؟
‏حقن الدهون الذاتية هي من تخصص جراح التجميل الذي تلقى التدريب ‏اللازم واكتسب الخبرة الواسعة للقيام بهذا الإجراء بأفضل طريقة وحفاظا على سلامة الاشخاص. اما بالنسبة للمرشحين للخضوع إلى هذا الإجراء فاختيارهم يعتمد على الاهداف التي نريد الوصول إليها. فإذا كان الهدف تجميلي بحت يجب على الشخص أن يكون نسبيا في صحة جيدة وخاصة أن يكون مؤشر كتلة الجسم لديه قريب من العادي لأن عملية شفط الدهون اساسا ليست ولن تكون عملية للتخسيس أو لإنقاص الوزن وإنما للتخلص من الدهون العنيدة في المناطق الغير مرغوب فيها. اما إذا كان الهدف من الإجراء ترميمي أو تجديدي فإن معظم الناس ممكن أن يكونوا مرشحين له.

 

•    ‏هل هناك أنواع مختلفة من الدهون الذاتية؟
‏كل انواع الدهون الذاتية مصدرها واحد وهي الدهون التي تم شفطها من المناطق الغير مرغوب فيها لكن الفرق يكمن في كيفية معالجتها وتنقيتها وبذلك هناك ثلاثة أنواع من الدهون هناك ما يسمى ب"ماكرو فات" وهي دهون يتم حقنها مباشرة بعد الشفط ‏ونستعملها خاصة في ملىء الأرداف والثدي.  اما النوع الثاني وهو "المايكرو فات" ، يتم تصفيتها وتنقيتها من الخلايا الدموية و من الألياف لكي تصير في شكل دهون سائلة ‏نستعملها لتعبئة مناطق بالوجه او باليدين. النوع الثالث هو "النانو فات" ‏الغني بالخلايا الجذعية والتي ‏لا تستعمل لهدف الملء والتعبئة وإنما تستعمل لترميم وتجديد الأنسجة ‏التي تحقن فيها.

•    حقن الدهون الذاتية والجراحات التجميلية:
‏يتزايد الإقبال على استعمال الدهون الذاتية لتعبئة الأنسجة خاصة على مستوى الوجه الثدي والأرداف ‏وحتى المناطق الحساسة ومن مزايا هذه التقنية أنها تمنح ‏ ‏دهون من نفس جسم الإنسان وبذلك لن يتم التعامل معها كجسم ‏غريب . كما يكون الملمس والإحساس طبيعي مع سهولة توفر الأنسجة المانحة للدهون عند معظم الاشخاص. أما النتائج المحتملة فهي دائمة ونظرا أن الدهون يتم الحصول عليها من خلال الشفط فذلك يحقّق نحت القوام بما يحسن الشكل العام للجسم.


‏وكثيرا ما طال النقاش بخصوص أفضلية الدهون الذاتية مقارنة مع المواد الأخرى المستعملة للتعبئة:
فمثلا على مستوى الوجه تتم المقارنة بين الفيلر وبين استعمال الدهون الذاتية. ‏تلجأ اغلبية النساء لاستعمال الفيلر كمادة معبأة لانها وقتية وتذوب بعد أشهر معدودة . ولا تحتاج الى تدخل جراحي لحقن الدهون حتى وان كان تحت تخدير موضعي. ‏أما بالنسبة للأشخاص الذين يحتاجون كميات كبيرة من الفيلر او يشتكون من ضمور خلقي على مستوى انسجة الوجه فإننا ننصح بإجراء حقن الدهون الذاتية. 
اما على مستوى تجميل الثدي فالمقارنة قائمة بين استعمال حشوة السيلكون والدهون الذاتية ‏ويتم اتخاذ القرار ‏المناسب بعد الاستشارة الطبية والفحص السريري ‏لمعرفة احتياجات الامرأة ورغبتها واختياراتها بعد شرح ايجابيات وسلبيات كل تقنية جراحية علمًا وأن استعمال حشوة السيليكون مع حقن الدهون الذاتية في نفس العملية هو شيء ممكن.

 

قد يهمك أيضاً فوائد وأضرار عملية حقن الدهون في الوجه

 

 

•    الدهون الذاتية وجراحة الترميم:
‏توسع استخدام الدهون الذاتية في ترميم التشوهات الناتجة عن الحروق والاصابات وكذلك في ترميم الثدي كليًا او جزئيا بعد استئصال السرطان وهنا نشير أن عمليات الترميم التي تستعمل حقن الدهون الذاتية قد تحتاج إلى أكثر من مرحلة أو مرحلتين للوصول إلى الهدف المطلوب. وهنا تكمن مدى أهمية العلاقة بين جراح التجميل وبين المريض من ناحية التوعية الطبية وبناء خطة علاجية قد تمتد على شهور او حتى سنوات.

•    الدهون الذاتية والطب التجديدي:
‏آخر ما توصلت إليه الأبحاث في الطب التجديدي هو أن الأنسجة الدهنية تحتوي على أكبر عدد وأجود نوعية من الخلايا الجذعية.
‏الخلية الجذعية هي الخلية الرئيسية او الخلية الأم التي تتولد منها جميع الخلايا الأخرى لكي تؤدي الوظائف المتخصصة. ولعل هذه الخلية الجذعية قادرة على النمو لتكون نسيجا جديدا تماما ويمكن استعمال هذه الخاصية في علاج مرض السكري ومرض التهاب المفاصل واصابات الحبل الشوكي وعديد الحالات الأخرى. أما في مجال جراحة التجميل والترميم فيمكن استخدام هذه الخلايا الجذعية الموجودة في "النانو فات" للتعامل مع آثار الحروق والتقرحات المزمنة وكذلك لعلاج علامات التقدم في السن على مستوى الوجه حيث يتم استعمالها مع البلازما المشبعة بالصفائح الدموية لتحقن مباشرة تحت الجلد أو مع استعمال الدرمابن أو الإبر الدقيقة مع الترددات الراديوية.

•    كم تدوم الدهون الذاتية وما هي العوامل التي توثر على بقائها؟
‏اغلبية الدراسات تشير أن نسبة بقاء الدهون بعد حقنها تقدر ب60 إلى 70 ٪؜ . اما بالنسبة للعوامل التي تؤثر على بقائها فهي تنقسم إلى قسمين القسم الأول له علاقة بالتقنية المستخدمة في شفط الدهون و طريقة معالجتها قبل الحقن والقسم الثاني له علاقة بالمريض نفسه وحالته الصحية،  وهذا ما يفسر مدى تفاوت الأرقام و النتائج في مختلف الدراسات العالمية. من المؤكد أن نسبة الدهون الباقية بعد حوالي شهرين من الإجراء سوف تكون دائمة ولا تتأثر الا بتغيير وزن الإنسان نفسه إذا زاد وزنه زادت وإذا نقص وزنه نقصت.

•    ماهي مضاعفات ومخاطر حقن الدهون الذاتية؟
‏حقن الدهون الذاتية في أغلب الأحيان هو إجراء آمن. أخطر شيء ممكن أن يحدث هو التجلط الرئوي الناتج على نزوح كتلة دهنية مع الشرايين الدموية وتم ملاحظة هذا النوع من المضاعفات خاصة عند حقن الأرداف على مستوى عضلات المؤخرة او تحتها وهو مكان مشبع بالشرايين الدموية ويزيد من نسبة حدوث هذه المضاعفات.  لذلك وجب حقن منطقة الأرداف تحت الجلد مباشرة وفوق الغشاء العضلي لتفادي هذه المخاطر.

ختاما، يجب التأكيد والتوعية على أن حقن الدهون الذاتية ليس "ترند" يمكن تداوله في منصات التواصل الاجتماعي وإنما هو إجراء جراحي يجب اتخاذ القرار فيه بعد استشارة الطبيب المناسب.

 

بعدما قرأتِ الدهون الذاتية: بين جراحة التجميل والترميم والطب التّجديدي، تابعي الآن حقن البوتوكس في الرأس للتخلص من الشعر الدهني

أضف تعليقا
المزيد من طب تجميلي