التوتّر النفسي...عواقبه وطرق علاجه
وفقاً للمنظمة الدوليّة لإدارة الضغوط ISMA، فإنّ 70% من البالغين يشعرون بالتوتّر والضغط في محيط العمل، ما يعني خسارة 13 مليون يوم من أيّام العمل بسبب التوتّر. كما قامت هيئة الصحّة والسلامة العالميّة Health & Safety Executive بتعريف التوتر بأنّه "استجابة عكسية يتخّذها الناس تجاه الضغوط الزائدة والمطالب الأخرى الملقاة على عاتقهم، سواء في بيئة العمل أو الحياة الأسرية بصفة عامة. ومن جهة أخرى يصف د. كريس جونستون، مؤلّف كتاب Find your power التوتّر، بأنّه "حالة من عدم التوازن الذي يحدث عندما تتجاوز الأعباء والالتزامات، التي يواجهها الفرد في حياته اليوميّة، ما يمكن التكيّف معه برضا وسعادة". حول هذا الموضوع أطّلعت "الجميلة" من استشاري الأمراض النفسيّة والعصبيّة الدكتور شريف الأسلمي عن الأسباب المختلفة في الإصابة بالتوتّر والوسائل العلاجيّة للتغلّب عليها.
مشكلة عالميّة:
يتفّق الخبراء على أنّ 60 % من الضغوط قد تكون مفيدة في إشعال جذوة الحماس لتحقيق إنجازات أكبر، يتسنّى للفرد من خلالها الوصول إلى أقصى أداء ممكن. ولكن عندما تزيد هذه الضغوط عن الحدّ الطبيعي لها، والذي يختلف من شخص لآخر حسب درجة الاحتمال، لا يستطيع الجسم التكيّف مع هذه الضغوط أو التأقلم معها، ويبدأ في إظهار مجموعة مختلفة من الأعراض الجسديّة، مثل سرعة النبض أو تصبّب العرق أو ضيق في التنفّس. كما قد تظهر بعض الأعراض العقلية وأهمها الشعور بالضغط الزائد والقلق والتوتر. وطبقاً لمؤسسة Mind للصحة العقلية، يعاني شخص واحد من كلّ 20 شخصاً من اضطّرابات التوتر، والتي قد تحدث نتيجة عدّة أسباب منها:
- التوتر بشأن حدث هام متوقع حدوثه في فترة معيّنة، كتغيير مجرى الحياة والإنتقال إلى مستوى معيشي أفضل، أو مقابلة للحصول على وظيفة، أو توقّع اجتماع هام في المستقبل القريب أو اقتراب موعد الاختبارات.
- إعطاء أمر ما في الحياة العمليّة حجماً أكبر من حجمه الطبيعي، وإضفاء سمات غير واقعيّة عليه، ما يعمل على صعوبة التأقلم معه.
- الخوف من المستقبل بصفة عامة نتيجة عدم توفّر معلومات كافية عنه، يمكن اتخاذها كمؤشّر لما سوف يحدث فيه.
- زيادة ضغوط العمل بما لا يتوافق مع أعباء الأسرة ومتطلباتها، كعدم وجود الوقت الكافي الذي يمكن قضاؤه في المنزل مع الأسرة والأصدقاء، ما يجعل الفرد يشعر أنّه مثل آلة متحرّكة تفتقر إلى دفء العائلة، ما ينجم عنه عصبيّة زائدة وتوتّر شديد.
اقرئي أيضاً اقهري التوتّر بالغذاء والمشروبات
عواقب وخيمة:
وقد وجد العلماء أنّه عندما يشعر الفرد بالخوف أو بترّقب حدوث أمر معيّن، يكون عرضة لأن يقع تحت وطأة التوتّر، فتقوم غدّة الهايبوثالاموس، وهي تتواجد تحت المهاد البصري في المخ، بإرسال إشارات عبر الغدة النخاميّة إلى الغدد الكظريّة التي تقع فوق الكليتين، ما يجعلها تقوم بإفراز هورمونات الأدرينالين والنورأدرينالين والكورتيزول إلى مجرى الدم، ما يولّد شعوراً بالخوف والقلق والتوتّر. وفي هذا الإطار طرح خبراء النفس مجموعة العوارض التي تصيب أعضاء الجسم عند التعرّض للتوتّر والقلق، مثل:
- المخّ: نشاط زائد نتيجة تدفق الدم والطاقة إليه، بسبب ارتفاع معدّل السكر في الدم، إلى جانب توقّف الوظائف غير الأساسيّة، كالذاكرة وعدم القدرة على التركيز.
- القلب والرئتان والدورة الدمويّة: يزداد معدّل خفقان القلب والسرعة في التنفّس، خاصة من منطقة أعلى الصدر، إلى جانب ارتفاع ضغط الدم.
- المعدة: تتعرّض لاضطّرابات هضميّة ناتجة عن نقص في وصول الدم إليها وزيادة في إفراز الأحماض.
- عوارض جسديّة عامّة: زيادة في طاقة الجسم وزيادة في امتصاص الدهون والسكّريات، اتسّاع حدقة العين، حدوث جفاف في الفم، ونقص في اللعاب.
- أعراض نفسيّة: قد ينتج عن التوتّر اضطّرابات في النوم وفي تناول الطعام، مما يؤدّي إلى تزايد مشاعر الاكتئاب وعدم القدرة على التكيّف ونقص في تقدير الذات وفقدان الثقة بالنفس، إلى جانب عدم الاستقرار النفسي والشعور المستمرّ بالتقلّبات المزاجيّة، علاوة على ضعف الذاكرة وتشتّت الانتباه.
بعض النصائح العلاجيّة:
- تعلّمي فنّ الاسترخاء والبعد عن الضوضاء والتفكير في العمل أثناء أوقات الراحة. ويتضمّن الاسترخاء إعطاء نفسك الوقت والمجال لتتعافي جسديّاً وعقليّاً من المواقف التي تسبّب لك التوتر والقلق.
- دوّني أعمال الغد من اليوم، ولا تزيدي من أعبائك اليوميّة بالشكل الذي يفوق قدراتك ويسبّب لك التوتّر من عدم إنجازك لها.
- حافظي على غرفة نومك مرتّبة، حيث تعدّ غرفة النوم ملاذاً للراحة والهدوء بعيداً عن الضوضاء وزحام الحياة اليوميّة، ما يبعث لديك الشعور بالراحة والرغبة في النوم.
- خفّفي الإضاءة في حجرة المعيشة وغرفة النوم في الليل، ما يخلق أجواء من الهدوء والاسترخاء، وما يساعد في التهيئة للنوم والتوقّف عن التفكير في أمر يشغل بالك ويعكّر صفو حياتك.
- حوّلي أفكارك السلبيّة إلى أخرى إيجابيّة، فقد أوضحت الدراسات السيكولوجيّة أنّ التفكير الايجابي يساعد في تقليل التوتر وتحسين الصحة العامة، وذلك من خلال التفكير في جعل المهام الجديدة فرصة جيّدة لتعلّم مهارات جديدة تنمّي من شخصيتك وتطوّر من قدراتك.
أضف تعليقا