الالتزام بنهج علاجي مُتعدد الأبعاد يضمن نتائج أفضل لمرضى التهاب الجلد التأتبي

 

بقلم الدكتورة خديجة الجفري، استشارية الأمراض الجلدية في عيادة ديرماميد كلينك بدبي

 

تُظهر الإحصائيات بأن التهاب الجلد التأتبي (الإكزيما)،  والذي هو مرض جلدي التهابي مُزمن يُصاحبه آفات جلدية وحكة شديدة، قد أصبح واسع الانتشار في الدول النامية على وجه الخصوص. 

وتشير الدراسات الإقليمية إلى معاناة 10.8% من الأطفال ممن تتراوح أعمارهم بين 13-14 عاماً في دول شرق المتوسط من هذا المرض في مرحلة ما من حياتهم.  

ويُعزى الانتشار المتزايد للمرض إلى مجموعة من العوامل البيئية والاجتماعية والاقتصادية، ولكن السبب الرئيسي يتمثل في طبيعة الحياة الحضرية، ودورها في تُعرّض الأفراد لمعدلات أعلى من التلوث، وتقيّدهم بأنماط حياة خاملة ونظام غذائي سيئ، والتي تمثل بمجملها عوامل ترفع معدل الإصابة بالمرض. كما يتأثر مرضى التهاب الجلد التأتبي بمشكلة جفاف البشرة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض الرطوبة، وهو أمر شائع للغاية في المناطق ذات الطبيعة الصحراوية.

ويؤثر التهاب الجلد التأتبي بشكلٍ كبير على الصحة البدنية والنفسية؛ حيث يتسبب بأعراض جسدية مزعجة مثل عدم الراحة والحكة المستمرة وحدوث خدوشٍ في البشرة، وغالباً ما يؤدي ذلك إلى قلة النوم وضعف النشاط البدني للمرضى وتراجع صحتهم النفسية. كما يعاني المصابون بهذا المرض من التأثيرات النفسية، التي تشمل الشعور بالإحباط والتوتر والارتباك والإحراج وتدني الثقة بالنفس وعدم تقدير الذات. كما يُعتبر مرضى التهاب الجلد التأتبي أكثر عرضة بمقدار 3.5 مرات للمعاناة من أعراض القلق والاكتئاب والتوتر مقارنة بعامة السكان.  ومن المهم في هذا الإطار تقديم الدعم للمرضى وزيادة وعيهم بظروفهم البدنية والنفسية. 

بالمقابل، يُبدي الأطفال واليافعون قلقاً أكبر حول مدى تأثير حالة بشرتهم على حياتهم اليومية. فعلى سبيل المثال، أفادت فتاة تبلغ من العمر 13 عاماً بأن زملائها في المدرسة كان يُطلقون على مرضها اسم "جلد الفراولة" بسبب احمرار بشرتها نتيجة الأكزيما الشديدة، مُشيرة إلى أنها وجدت صعوبة بالغة في سرد هذه القصة إلى أن تقدّمت في العمر واستطاعت السيطرة على المرض. واضطرت هذه الفتاة لارتداء ملابس تُغطي كل بشرتها كما امتنعت عن المشاركة في أي أنشطة اجتماعية. وتظهر الدراسات ضرورة تحفيز المرضى على التأقلم مع حالتهم، وذلك عبر تشجيعهم على التواصل وزيادة وعيهم، إضافة إلى متابعة البحوث التي تساهم في تقديم علاجات فعالة وآمنة لمثل تلك الحالات. 

ويتوفر اليوم العديد من العلاجات المبتكرة لإدارة مرض التهاب الجلد التأتبي؛ حيث تُستخدم العلاجات الموضعية عادةً في إدارة النوبات الجلدية وتثبيط الاستجابة الالتهابية. ومع ذلك، ثمة هناك أدوات أخرى يمكن تقديمها للمرضى مثل العلاجات السلوكية التي تُساعد في التعامل مع نوبات الحكة. ويمكن إحداث تأثير إيجابي أكبر عبر توعية المرضى حول كيفية تحديد وتجنب العوامل المسببة مثل أقمشة الملابس والغبار والماء الساخن والطقس الحار. 

ويُعتبر التشخيص الصحيح وتحديد خطة لإدارة المرض من أهم الخطوات لعلاج التهاب الجلد التأتبي. وينبغي أيضاً ضمان المراقبة والمتابعة المنتظمة لإجراء التعديلات العلاجية اللازمة. ويُمكن للأطباء إجراء محادثات ثنائية مع مرضاهم، في حين يُمكن لمتخصصي الرعاية الصحية الآخرين، مثل الممرضين وأخصائيي الحساسية وأطباء الجهاز التنفسي، التدخل والعناية بالاحتياجات الأخرى للمرضى. ويُعتبر التقيّد بنهج علاجي فردي مُتعدد الأبعاد عاملاً محورياً لعلاج التهاب الجلد التأتبي وتحسين نتائج المرضى. 


 

أضف تعليقا
المزيد من نصائح صحية