«افطر ملكًا وتغدى أميرًا وتعشى فقيرًا» يقودك لجسم مثالي
قد يكون توقيت تناول وجبة الأكلات اليومية يتعلق بضبط ساعته البيولوجية، بما يصب في النهاية بالتأثير على الحالة الصحية له، ومن الممكن أن يكون تغيير عادات تناول الطعام كفيلاً بتعزيز حالتنا الصحية ومساعدتنا في خفض الوزن.
ويرى بعض العلماء أن تناول مزيد من السعرات الحرارية اليومية في وقت مبكر من اليوم، وتغيير أوقات الوجبات لتكون في الصباح الباكر، قد يكون مفيدًا لصحتنا.
فطار الملوك وغذاء الأمراء وعشاء الفقراء:
وتوصلت إحدى الدراسات إلى أن النساء اللواتي يحاولن إنقاص وزنهن فقدن قدرًا أكبر من الوزن عندما يتناولن الغداء في وقت مبكر من اليوم، في حين ارتفع مؤشر كتلة الجسم لدى هؤلاء اللاتي يتناولن وجبات الإفطار في وقت متأخر.
وتقول جيردا بوت، المحاضرة الزائرة المتخصصة في علوم التغذية بكلية كينجز كوليدج لندن: «هناك مقولة قديمة قيمة، تقول تناول فطورك كملك، وغذاءك كأمير، لكن لتكن وجبة العشاء كفقير، وأعتقد بأن هناك بعضًا من الحقيقة في تلك المقولة».
ويعكف العلماء الآن على محاولات اكتشاف مزيد حول الأسباب التي تؤدي لتلك النتائج، فهم يبحثون في العلاقة بين تناول الطعام وساعات جسمنا، وهو ما أطلق عليها بعض العلماء «إعادة تأهيل النظام الغذائي» (Chrononutrition) للتوصل للإجابات المناسبة.
التوقيت الأمثل للأكل
قد تعتقد بأن ساعة الجسم شيء يحدد وقت خلودنا للنوم، لكن في الواقع، ثمة ساعات بيولوجية في كل خلية من خلايا الجسم تقريبًا، وهذه الساعات تساعدنا في المقام الأول على إنجاز مهام يومنا، مثل الاستيقاظ في الصباح، وذلك عبر تنظيم ضغط الدم، ودرجة حرارة الجسم ومستويات الهرمونات في الدم، وغيرها.
ويعكف الخبراء الآن على البحث في ما إذا كانت عاداتنا الغذائية، من بينها الأوقات غير المنتظمة في تناول الوجبات والأكل المتأخر، لا تشكل خيارات مثالية لإيقاعاتنا الداخلية.
وقالت بوت، التي تدرس إعادة تأهيل النظام الغذائي: «لدينا ساعة بيولوجية للجسم، فمثلاً تناول وجبة كبيرة في المساء هو في الواقع، وفيما يتعلق بالتمثيل الغذائي، خيار ليس مناسبًا، لأن جسمك بدأ يتأهب لليل».
وقال جوناثان جونستون، الباحث في علم البيولوجيا الزمنية وعلم وظائف الأعضاء التكاملي في جامعة سري البريطانية، إنه على الرغم من أن الدراسات تشير إلى أن أجسادنا هي أقل جودة أثناء معالجة الطعام ليلاً لم يتضح حتى الآن لماذا يحدث هذا.
وتابع: «لكن إحدى النظريات تقول إن ذلك مرتبط بقدرة الجسم على استهلاك الطاقة، فهناك أدلة أولية قليلة تشير إلى حجم الطاقة التي تستهلكها لمعالجة وجبة من الوجبات، لكنك ستسهلك مزيدًا من هذه الطاقة في الصباح مقارنة إذا كنت تأكل في المساء».
ويقول جونستون «إن الفهم الصحيح للعلاقة بين متى نأكل وحالتنا الصحية أمر مهم، لأن ذلك يمكن أن يكون له تأثير بالغ في المساعدة على مواجهة مرض السمنة».
ويضيف: «إذا أمكننا القول أنه لا يتعين عليك بالضرورة تغيير كثير مما تأكله، ولكن إذا تمكنت فقط من تغيير أوقات تناول الطعام، فإن هذا التغيير الطفيف في حد ذاته يمكن أن يشكل عنصرًا مهمًا في طرق تحسين وضعنا الصحي».
ويقول جونستون إنه، علاوة على ذلك، فإن توقيت وجبات طعامنا يمكن أن يكون له تأثير على الذين يعانون من اضطراب الساعات البيولوجية، مثل الموطفين الذين يعملون بنظام النوبات، الذين يشكلون نحو 20% من القوى العاملة.
وأظهرت دراسات أجريت على الحيوانات أن تناول الطعام في أوقات بعينها يمكن أن يساعد في إعادة ضبط إيقاع أجسادنا اليومي، وينظر بحثنا الحالي في ما إذا كان هذا ينطبق على الأشخاص أيضًا أم لا.
وفي دراسة أجريت على 10 رجال، توصل جونستون إلى أن تأخير مواعيد وجبات الطعام بواقع 5 ساعات أدى بكل وضوح إلى تحويل المؤشر البيولوجي لساعات الجسم الخاصة بهم.
وقال جونستون إن الدراسة أشارت إلى أن تناول الطعام في أوقات بعينها يمكن أن يشكل جزءًا من إستراتيجية لمساعدة الأشخاص على التأقلم مع ساعاتهم غير المنتظمة، وهو أمر ثبت ضرره على الصحة بشكل خاص.
ويقول الخبراء إن ثمة تساؤلات كثيرة تحتاج إلى إجابات، من بينها: ما هي الأوقات المثلى لتناول الطعام؟ وهل هناك أطعمة تشكل ضررًا واضحًا عند تناولها في أوقات معينة؟
يقول جونستون وبوت إن الأدلة تشير إلى أنه يتعين علينا استهلاك مزيد من السعرات الحرارية في وقت مبكر من اليوم.
أضف تعليقا