أصدر الشركة الأميركية "مودرنا" نتائج تشبه ما توصلت إليه شركة "فايزر" حيث استعملت الشركتان مقاربة تجريبية ومبتكرة جداً لتصميم لقاحاتهما. أعلنت "مودرنا" عن "يوم عظيم"، وهي تخطط لتقديم طلب للمصادقة على استعمال اللقاح خلال الأسابيع القليلة المقبلة. لكن لا تزال هذه البيانات أولية ويبرز عدد أساسي من الأسئلة العالقة.
ما مدى فاعلية اللقاح؟
شملت التجربة 30 ألف شخص في الولايات المتحدة، وتلقى نصفهم جرعتَين من اللقاح تفصل بينهما أربعة أسابيع. في المقابل، تلقى المتطوعون الآخرون حِقَناً وهمية.
ارتكز التحليل على أول 95 شخصاً يصابون بأعراض "كوفيد - 19". سُجّلت خمس حالات فقط في المجموعة التي تلقّت اللقاح، و90 حالة في مجموعة العلاج الوهمي. انطلاقاً من هذه النتائج، تقول الشركة إن لقاحها يحمي 94.5% من الناس. كذلك، تشير البيانات إلى تسجيل 11 حالة حادة من "كوفيد-19" خلال التجربة، لكن لم يظهر أيٌّ منها لدى من تلقوا اللقاح.
صرّح تال زاكس، كبير المسؤولين الطبيين في شركة "مودرنا"، لقناة "بي بي سي نيوز" بأن "فعالية اللقاح الإجمالية كانت لافتة... إنه يوم عظيم فعلاً".
يعترف رئيس الشركة الدكتور ستيفن هوغ من جهته بأنه ابتسم ابتسامة عريضة لدقيقة كاملة حين ظهرت النتائج، ويقول لقناة "بي بي سي نيوز": "لا أظن أن أحداً منا كان يتوقع أن تبلغ نسبة فعالية اللقاح المضاد للفيروس 94%. كانت تلك النتيجة مدهشة بمعنى الكلمة".
متى أستطيع تلقي اللقاح؟
يتوقف التوقيت على مكان وجودك في العالم وعمرك. أعلنت شركة "مودرنا" أنها ستقدم طلباً أمام الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة خلال الأسابيع المقبلة، وهي تتوقع توفير 20 مليون جرعة محلياً.
كذلك، تأمل الشركة في طرح حتى مليار جرعة قابلة للاستخدام حول العالم بحلول السنة المقبلة وتُخطط لنيل موافقة بلدان أخرى أيضاً.
وأعلنت بريطانيا الآن أنها ستحصل على خمسة ملايين جرعة من لقاح "مودرنا" بدءاً من الربيع المقبل، وهي كمية كافية لمنح اللقاح إلى مليونَين ونصف مليون شخص. سبق وطرح هذا البلد خططه التي تعطي الأولوية لكبار السن.
ما هي المعلومات التي لا نعرفها عن اللقاح الجديد؟
لا نعرف حتى الآن إلى متى تستمر المناعة ضد الفيروس، إذ تبرز الحاجة إلى متابعة المتطوعين لفترة أطول قبل معرفة الجواب. ثمة مؤشرات على أنه قد يحمي كبار السن بدرجة معينة، أي الفئة العمرية الأكثر عرضة للوفاة بسبب الفيروس، لكن لا تزال البيانات غير كاملة.
وصرّح زاكس لقناة "بي بي سي" بأن بياناتهم توحي حتى الآن بأن "اللقاح لا يخسر قوته على ما يبدو" مع التقدم في السن. لكن لا أحد يعرف بعد ما إذا كان اللقاح يحمي الناس من التعرّض لأمراض خطيرة بكل بساطة أو يمنعهم من نشر الفيروس أيضاً. ستؤثر هذه الأسئلة كلها على طريقة استعمال لقاح فيروس كورونا.
هل من آثار جانبية محتملة؟
لم تُسجَّل أي مخاوف حول سلامة المستخدمين، لكن لا يمكن اعتبار أي علاج آمناً بنسبة 100%، بما في ذلك الباراسيتامول. في الوقت نفسه، ظهرت أعراض معينة بعد تلقي الحقنة لدى بعض المرضى، منها نوبة تعب عابرة وصداع وألم.
ويوضح البروفيسور بيتر أوبنشو من جامعة "إمبريال كوليدج لندن": "إنها آثار متوقعة من أي لقاح فعال وقادر على إطلاق ردة فعل مناعية مناسبة".
بماذا يختلف عن لقاح شركة "فايزر"؟
يستعمل اللقاحان المقاربة نفسها لحقن جزء من الرمز الجيني الخاص بالفيروس بهدف إطلاق استجابة مناعية. تبدو البيانات الأولية التي راجعناها حتى الآن متشابهة جداً، إذ يحمي لقاح "فايزر" و"بيونتيك" الناس بنسبة 90% تقريباً ولقاح "مودرنا" بنسبة 95%. لكن لا تزال التجربتان مستمرتَين وقد تتغير الأرقام النهائية.
على صعيد آخر، من الأسهل تخزين لقاح "مودرنا" على ما يبدو لأنه يبقى مستقراً على حرارة 20 درجة مئوية تحت الصفر لفترة تصل إلى ستة أشهر ويمكن الاحتفاظ به في ثلاجة عادية لشهر كامل. في المقابل، يجب أن يُخزَّن لقاح "فايزر" على حرارة 75 درجة مئوية تحت الصفر ويمكن الاحتفاظ به في الثلاجة لخمسة أيام فقط.
أخيراً، نشر لقاح "سبوتنيك V" الروسي بيانات أولية في مرحلة سابقة مفادها أن فعاليته تصل إلى 92%.
كيف يعطي اللقاح مفعوله؟
طوّرت شركة "مودرنا" "لقاح الحمض النووي الريبي"، ما يعني أن جزءاً من الرمز الجيني الخاص بفيروس كورونا يُحقَن في الجسم ثم يبدأ بتصنيع بروتينات فيروسية، لا الفيروس كله، وتكون هذه العملية كافية لتدريب جهاز المناعة على مهاجمة الفيروس. يُفترض أن يُدرِّب اللقاح الجسم على إنتاج أجسام مضادة ويحث الخلايا التائية (جزء آخر من جهاز المناعة) على محاربة فيروس كورونا.
متى سينتهي زمن "كوفيد - 19"؟
خلال فترة أسبوع، تغيّرت فرص انتهاء الوباء بعد صدور نتائج إيجابية من "فايزر" و"مودرنا" وروسيا. قبل ظهور النتائج الأولى، كَثُر الكلام عن طرح لقاح قادر على حماية الناس بنسبة 50% تقريباً. لكن سرعان ما نُسِفت هذه التوقعات بالكامل، فقد تبيّن أن ابتكار اللقاحات ليس ممكناً فحسب بل إنه خيار فعال جداً.
كذلك، تعطي البيانات المتاحة حتى الآن أملاً بأن تكون اللقاحات الأخرى التي أصبحت قيد التطوير ناجحة بالقدر نفسه. لكن يبدو أن انتهاء هذا التحدي سيتزامن مع ظهور تحديات أخرى، إذ يتطلب توفير اللقاح لمليارات الناس حول العالم جهوداً لوجستية هائلة. يتوقع بعض الخبراء عودة الحياة إلى طبيعتها بحلول الربيع المقبل ويفترض البعض الآخر حصول ذلك في الشتاء المقبل، لكن يظن آخرون أن الطريق لا يزال طويلاً أمامنا.
يتوقف الجواب الحقيقي على سرعة حصول البلدان على هذا اللقاح الواعد وجعله في متناول الناس.
ما هي ردود الأفعال على اللقاح الجديد؟
يقول البروفيسور بيتر أوبنشو من جامعة "إمبريال كوليدج لندن": "هذا الخبر من شركة "مودرنا" حماسي للغاية، وهو يعزز تفاؤلنا حول احتمال ظهور لقاحات ناجحة في الأشهر القليلة المقبلة. نحتاج إلى تفاصيل تفوق ما يذكره البيان الصحافي، لكنّ هذا الإعلان يزيد تفاؤلنا العام طبعاً". تقول البروفيسورة ترودي لانغ من جامعة "أكسفورد": "من الإيجابي أن يظهر لقاح آخر ويكون فعالاً بقدر لقاح "فايزر" الذي تم الإعلان عنه في الأسبوع الماضي. نحن أمام تحليل أولي، ما يعني وجود حالات كافية بين المتطوعين الذين تلقوا اللقاح لاعتبار النتائج مهمة من الناحية الإحصائية والسماح لفريق البحث بتحديد المجموعة التي تلقّت اللقاح الفاعل وتلك التي أخذت الدواء الوهمي".
أخيراً، يقول الدكتور ريتشارد هاتشيت، رئيس "التحالف من أجل ابتكارات التأهب للأوبئة": "تبدو نتائج "مودرنا" إيجابية بقدر ما كنا نتمنى ويمكن اعتبارها واعدة للغاية".
مقارنة بين اللقاحَيْن
الاسملقاح "كوفيد - 19" من إنتاج "فايزر" و"بيونتيك""مودرنا"النوعالحمض النووي الريبي – الرمز الجيني للفيروسالحمض النووي الريبي – الرمز الجيني للفيروسالجرعاتحقنتان تفصل بينهما 21 يوماًحقنتان تفصل بينهما 4 أسابيع
نسبة فعاليته90%95%
حرارة التخزين75 درجة مئوية تحت الصفر20 درجة مئوية تحت الصفر لفترة تصل إلى 6 أشهرالاسملقاح الإنفلونزالقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانيةالنوعفيروس غير ناشطلقاح حي ومُخفف
الجرعاتحقنة سنويةحقنتان يفصل بينهما 28 يوماً على الأقلنسبة فعاليتهبين 40 و60%97% ضد الحصبة والحصبة الألمانية و88% ضد النكافحرارة التخزينبين 2 و8 درجات مئويةبين 2 و8 درجات مئوية
طريقة عمل لقاح الحمض النووي الريبي
يأخذ العلماء جزءاً من الرمز الجيني الفيروسي الذي يُبلِغ الخلايا بما يجب تصنيعه ويُغلّفه بنوع من الدهون كي يتمكن من الدخول إلى خلايا الجسم.
الحمض النووي الريبي
تُحقَن هذه المادة في جسم المريض
هذه العملية تدفع جهاز المناعة إلى إنتاج أجسام مضادة وتنشيط الخلايا التائية للقضاء على الخلايا المصابة.
.يدخل اللقاح إلى الخلايا ويحثها على إنتاج بروتين «سبايك» الموجود في فيروس كورونا.
إذا احتكّ المريض بفيروس كورونا، تنشط الأجسام المضادة والخلايا التائية لمحاربة الفيروس.
أضف تعليقا