ظل لقب «العريس» يحتفظ به الشاب العشريني قرابة عام كامل بين أقاربه وجيرانه في أطفيح، كان يسمع الكلمة ويضحك، ويقول: «يا جماعة عريس إيه أنا ربنا رزقني ببنت زي القمر عندها شهر هي اللي عروسة»، سيناريو حوار متكرر بشكل شبه يومي مع «أحمد» وأصدقائه وجيرانه في مداعباتهم التي لا تنقطع، لكنه كان يخفي خلفه مأساة كبرى يمر بها الشاب المبتسم في وجوه أحبائه، إلا أن الحزن كان يعصر قلبه كل لحظة.
ظروف مادية قاسية كان يمر بها «العريس» منذ أن تزوج وحتى رزق بطفلته الأولى، كانت السبب في اكتئابه وإقدامه على الانتحار داخل منزل الزوجية في محافظة الجيزة، حيث صنع الشاب مشنقة لنفسه داخل غرفة ترقد فيها طفلته الرضيعة، التى كانت تتلوى من شدة الجوع بسبب انشغال والدتها في المطبخ، بينما يتدلى جثمان والدها من حبل مصنوع من البلاستك ومعلق في حامل حديدي خاص بمروحة السقف.
«لقيت جوزي جثة هامدة معلقة في سقف المروحة، انتحر بعد ما رجع من الشغل، كان مخنوق عشان الدنيا واقفة معاه وعليه ديون كتير»، ملخص مختصر ذكرته زوجة الشاب المنتحر في محضر الشرطة، قبل إخطار النيابة بالحادث، وانتداب الطب الشرعي لتشريح الجثمان وبيان أسباب الوفاة.
مرتان أقدم خلالها «أحمد. ر» على التخلص من حياته بعدما سئم ظروفه المادية المتردية وزيادة عثراته في رحلة سداد الديون التي تكالبت عليه بعد زواجه، مع تراجع دخله الشهري، بسبب الأزمات التي تعرض لها أصحاب مصانع الطوب، ولجوئه إلى العمل باليومية.
بمرور الأيام ازدادت الأوضاع سوءاً، ليضطر صاحب الـ23 ربيعاً، إلى ترك شقة الزوجية عائداً إلى منزل العائلة بقرية منيل السلطان بمركز أطفيح جنوب الجيزة.
لاحظ أفراد العائلة تبدل أحوال «العريس الجديد» رغم أنه رُزق بطفلة، وحاول الأهل احتضانه حتى لا يكرر محاولات الانتحار التي فشل فيها مرتين؛ إذ كان للقدر كلمة أخرى، لكن القدر تنحى في المرة الثالثة مع إصرار الشاب، حيث اكتشفت الزوجة الواقعة، عندما دخلت إلى غرفته للاطمئنان عليه، وسؤاله عن رغبته في تناول وجبة الغداء، لتجد نفسها أمام أصعب مشاهد حياتها.
عُثر على جثة العشريني متدلية من السقف بحبل وأسفلها كرسي، وتجمع الجيران على صوت صراخ الزوجة، ولحق بهم رجال الشرطة بقيادة الرائد أحمد يسري رئيس المباحث ومعاونه النقيب هشام موسى.
وتابع قسم شرطة أطفيح، بتعليمات مباشرة من العقيد محمد مختار مفتش فرقة شرق الجيزة، تطورات البلاغ لحظة بلحظة، وتوجه ضباط البحث الجنائي لمعاينة الجثة والغرفة بدقة للتأكد من عدم وجود شبهة جنائية.
في غضون دقائق، بدت الصورة واضحة، وأن المتوفى أقدم على الانتحار شنقاً لمروره بأزمة نفسية مؤخراً، لتطابق ظروف الواقعة والتحريات التي أشرف عليها العميد أحمد الوتيدي رئيس قطاع الجنوب مع رواية ذويه.
أضف تعليقا