مصممة المجوهرات هبة حميدان: مجموعتي الأخيرة تختزل قواعد الحياة
عشقت الفنّ والرسم والخطّ العربي منذ طفولتها، واكتشفت موهبتها مبكراً وصنعت الأساور في المرحلة الابتدائية. أبعدتها ظروف الحياة عما كانت تحلم به، ومن ثم عادت لها من أجل جمع التبرّعات لصالح جمعية خيرية وهي في المرحلة الثانوية، ذلك ما ألهمها لاستثمار موهبتها وصقلها بالتعلم الذاتي لندرة وجود منصّات تعليم المجوهرات آنذاك. إنّها المصمّمة هبة حميدان التي نبحر معها في عالم صناعة المجوهرات في الحوار التالي:
حدّثينا عن قصتك مع تصميم المجوهرات؟
لقد حصلت مؤخراً على دبلوم "الجواهرجي المحترف" من المعهد الأمريكي لعلوم الجواهر GIA، و تتلخّص قصّتي مع تصميم المجوهرات بأن بدايتها بسيطة وغير مخطّط لها، لكنّها قصّة كفاح وتطوّرت من صناعة أساور الخيوط إلى العمل في المعادن الثمينة والأحجار. ومرّت مسيرتي المتواضعة بمرحلتين: المرحلة الأولى بدأت في 2010 وكانت ناجحة وريادية ويتخلّلها كثير من التخبّط وانتهت عام 2015. أمّا المرحلة الثانية فبدأت عام 2016، وكانت أكثر نضجاً و إبداعاً وشغفاً ومسؤولية، ومن خلال ما عايشته من صعوبات في هذا المجال، أطلقت مبادرة "جواهرجية السعودية"، وحالياً أكمل دراستي الجامعية في تخصّص "هندسة الحاسب".
لماذا اتجهت لتصميم المجوهرات؟
المجوهرات هي أرقى شكل يترجم الفنّ وجمال الروح والشغف، ولطالما كانت على مرّ العصور عنصراً مهمّاً في التعبير عن الهويات والثقافات والأمم. إلى ذلك أنا ككل امرأة مغرمة بالمجوهرات، وأسعى من خلالها للتعبير عن ثقافتنا وإحياء تراثنا الثمين.
متى كانت انطلاقتك الفعلية؟
انطلاقتي الفعلية كانت في مشاركتي في صالون المجوهرات 2016 في جدّة، حيث أعدت تأسيس هويتي التجارية وصمّمت شعاري بنفسي، وهو عبارة عن تجسيد اسمي على شكل جوهرة، وكانت رسالتي "تراثنا هويتنا". شاركت حينها بقطع مجوهرات فنّية وفريدة متعدّدة الاستخدام، أطلقت عليها اسم "سدي" حيث كانت زخارف نسيج السدو مصدر إلهامي.
كيف تتم العملية الإبداعية لديك؟
بداية إبداعي ومضة لم أتخلّى عنها، والتذوّق الفنّي والتغذية البصرية والقدرة على اقتناص الفكرة وتوليد الأفكار أساس في تكويني. كما أنّني أحبّ الاطلاع على كلّ شيء في الحياة والفن بشكل خاصّ. وأجد أنّ الشخصية الإيجابية هي عماد العملية الإبداعية حيث أنّ الأفكار الجديدة لا تلاقي قبولاً كبيراً. ولشغفي في القراءة وتجربتي في البحث العلمي وشخصيتي المغامرة دور كبير في تعزيز الإبداع لديّ، حيث تمرّ الفكرة بمراحل عديدة ،فبعض الأفكار لا تستغرق أسبوعاً كي أنفّذها، وبعضها يأخذ سنوات ليجد طريق النضج والإشراق والتحقيق. الإبداع مزيج من عدّة عناصر معنوية ومادية وليس هناك أسعد من لحظات أجد فيها تصوّراتي وأفكاري، باتت أعمالاً محسوسة يعجب بها الناس وتتقلّدها.
حدّثينا عن مجموعتك الأخيرة.
مجموعتي الأخيرة تعبير عن فلسفة أؤمن بها وخلاصة قصّة الحبّ التي عايشتها في تصميم المجوهرات وهي: "أن نحيا بحبّ ونفعل ما نحبّ، فالحياة قصّة حبّ". ومن شغفي في الهندسة اقتبست نظرية الدكتورة سوزان ديلينجر في كتابها: "التواصل رغم اختلافاتنا"، والتي تتضمّن: "كلّ شكل من الأشكال الهندسية له معنى لكلّ شخص ويحدّد ميول الشخص". وفي مجموعتي جسّدت كلمة "حبّ" بحرفها العربي الأنيق في ثلاثة أشكال هندسيّة، حيث أنّ لكلّ شكل معنىً كما ذكرت الدكتورة سوزان في نظريتها: "المربّع يعبّر عن الشخص ذي الإصرار الشديد على الإنجاز والمحبّ للخير الذي يلجأ له الناس، والمستطيل يعبّر عن الشخص المتفاني الباحث عن التغيير ويعي قيمة التقدير، والأسطواني مقتبس من الدائرة وهي رمز الهدوء والسلام والإنسجام والتناغم والرقّة والحساسية ". أمّا أنا فأجد في تصميم هذه المجموعة قواعد الحياة، فالحياة قصيرة وجديرة بالحبّ وأطلقت على هذه المجموعة اسم "ثالوث حب" حيث أنّ لكلّ إنسان سامي له ثلثٌ يمثله.
ما هي الصعوبات التي تواجهك كمصمّمة مجوهرات؟
المجوهرات من أكثر المشاريع التي تتطلّب طاقة ماديّة، ولأنّني بدأت من الصفر، فلقد تعلّمت الكثير، إنّني فخورة بما حقّقته من إنجاز وسمعة طيّبة بالرغم من قلة الموارد المادّية والمعنوية وصعوبة الطريق في الحصول على المعلومة. ولكنّ وجود الصعوبات يخلق عنصر التحدّي ويصقل الإنسان. ولكي أكون أكثر موضوعية فإنّني أرى بأنّ مصمّم المجوهرات يحتاج إلى دعم من الدولة، كما أنّه يحتاج إلى رخص تمكّنه من مزاولة شغفه وإيجاد منصّات عرض لائقة بالمصمّم السعودي بشكل خاصّ والعربي بشكل عام، لإيصال ثقافتنا إلى أقصى العالم.
على ماذا تعتمدين في تصاميمك؟
تصاميمي هي انعكاس لاعتزازي بهويتي الإسلامية والعربية و السعودية، واعتزازي بهوية أجدادي البدوية، تلك الحياة الأعجوبة التي قاوموا فيها أقسى ظروف الطبيعة وسطروا من خلالها أجمل الرسائل في مكارم الأخلاق كالكرم والشجاعة والوفاء، كما كانت لهم أساليبهم الخاصة في الأكل والشرب والملبس. لذلك أحاول أن تعبّر تصاميمي عن هندسة هذه الحياة الصعبة بتصاميم ناعمة تعبّر عن نعومة أرواحهم وأناقتها، رغم خشونة العيش.
ما الذي يميّزك عن غيرك من المصمّمات؟
أنا موقنة بأنّ شغف الإنسان يميّزه عن غيره، ولست مهووسة بالبحث عن التميّز بقدر التعبير عن أصالتي في تصميم المجوهرات. فأنا أهوى الخطّ الهندسي وشغوفة بتصميم قطع مجوهرات ذكيّة. وأقصد بمجوهرات ذكية أي مجوهرات متعدّدة الاستخدام. أنا أُعتبر من أوائل المصمّمين الشباب الذين عملوا على هذا الخطّ في السعودية والخليج، حيث يلقبني الكثير بالمصممة المبتكرة أو المهندسة وقد استطعت تحقيق خطّ يرتكز في ذاكرة الناس كي يتذكّروني عندما يرون قطع شبيهة.
على ماذا يزداد طلب المرأة السعودية هذه الأيام؟
الأمر الذي لا يختلف عليه أحد أنّ المرأة السعودية متميّزة بأناقتها، ولكنّ هناك مجموعة كبيرة للأسف تميل للنمطية والتقليد، وأصبح هناك هوس بالماركات التي أغلبها لا يستحقّ ثمنها، في حين هناك الكثير من مصمّمات المجوهرات السعوديات اللواتي يقدّمن قطعاً فنية ثمينة وعصرية أنيقة، وبأسعار مناسبة.
افتتحت مؤخراً قسماً خاصّاً يجمع مصمّمات المجوهرات السعوديات. حدّثينا أكثر عن هذه الخطوة ولماذا فكرت بها؟ ومن هنّ المصمّمات المشاركات معك؟
هذه الفكرة جاءت من حاجة المصمّمين الشباب لتوفّر منصّات عرض تليق بهم، حيث نظّمت في عام 2017 أولى منصّات العرض التي تجمع عدّة مصمّمين، وكان الهدف تذليل المصاعب وتقليص التكاليف المترتّبة على المصمّمين الشباب لدى المشاركة في المعارض. وخلال سنتين تمّت المشاركة في ستّة معارض ريادية، من أهمّها "صالون المجوهرات" ومعرض "المرأة السعودية" ومعرض "زفافي". وقد لاقت فكرة التجمّع الذي أسميته "جواهرجية السعودية" إعجاب وتفاعل المجتمع، حيث تمّ مؤخراً عقد شراكة رياديّة مع شركة مجوهرات سعودية "حجر ماس"، وذلك لفتح معرض بشمل قسماً خاصّاً للمصمّمين، يضم تسعة من المصمّمات والعلامات التجارية المميّزة، وهي: "مجوهرات زخرف" و"هاجر الغامدي" من الشرقية، و"مجوهرات دلال" و"مجوهرات هبة الحميدان" من الرياض، و"مجوهرات تبر" وقلادة" و"تليدا" و"وعد العوفي" و"ريم الجعيد" من المنطقة الغربية ) .
نصيحة من جوهرجية لقارئاتنا.
- المجوهرات كنوز ثمينة تعكس جمال وأناقة القلب والروح والقالب.
- انتقي مجوهرات تليق بك وتميّزك وابتعدي عن النمطية والتقليد اللذينيجرّدانك من شخصيّتك وميولك.
- احرصي أن تكون لديك ثقافة جواهرجية، بخاصّة إن كنت من محبّات اقتناء الألماس.
- احرصي على شراء قطع مدبوغة بختم العيار والمصنع ومسجّلة بالفواتير بشكل دقيق.
سناب شات hebag_91
إقرئي ايضاً:
فضة المرزوقي: تصاميمي كالأحجار الكريمة... لكل منها شكله وقصته
المصورة الفوتوغرافية لينا قمصاني: حلمي افتتاح أكاديميّة لتعليم عرض الأزياء
مصمّمة العبايات السعودية فاتن رفيع: أستوحي تصاميمي من الطبيعة وثقافات العالم
أضف تعليقا