مدونات الموضة وأولادهن على مواقع التواصل الاجتماعي بين الصح والخطأ!
لا يمكن أن تكون قد فاتتك ظاهرة مدوّنات الموضة العربيّات والعالميّات اللواتي ينشرن صوراً لهنّ مع أولادهنّ في مختلف نشاطاتهنّ اليوميّة. هي ظاهرة انتشرت على نطاق كبير مؤخّراً وبات لهؤلاء الأولاد صفحات خاصّة بهم وعدد متابعين هائل. فما الهدف الكامن وراء هذه الظاهرة؟ وما مدى تأثيرها على هؤلاء الأطفال، حاضراً ومستقبلاً؟
من هنّ المدوّنات اللواتي يسلّطن الضوء على أطفالهنّ؟
بدأ انتشار ظاهرة نشر صور مدوّنات لأطفالهنّ في المجتمعات الغربية، ومن أشهرهنّ كايلي جينير Kylie Jenner مع ابنتها ستورمي Stormy؛ وكيم كاردشيان Kim Kardashianمع أولادها نورث ويست North West، ساينت ويست Saint West وشيكاغو ويست Chicago West؛ وبيونسيهBeyonce مع ابنتها بلو آيفي Blue Ivy...
وصلت هذه الظاهرة إلى العالم العربي، وبدأت صور المدوّنات مع أطفالهنّ تبرز بوفرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وأبرز تلك الأسماء كارن وازن وغنى غندور ولانا الساحلي ونور عريضة وجويل ماردينيان وديما الأسدي وآسيا...
أعمار متفاوتة
اللافت في الموضوع أنّ هذه الظاهرة الغريبة المنتشرة بقوّة ليست محدّدة بأطفال من عمر معيّن، إذ نرى صوراً لحديثي ولادة متصدّرة صفحات التواصل الاجتماعي. فنتصفّح صور لأطفال من فئات عمريّة مختلفة، تتراوح من بضعة أشهر إلى سنوات المراهقة. ومن الملاحظ أنه عندما يتقدّم سنّ الأطفال، تبدأ الأمّهات بأخذهم معهنّ في مختلف نشاطاتهنّ اليوميّة، مثل تناول الطعام خارجاً أو في المنزل، والتسوّق وممارسة الرياضة، أو الرقص وغير ذلك. وطبعاً لا تغفل هؤلاء الأمّهات مشاركة متابعيهنّ صوراً عن هذه النشاطات برفقة أولادهنّ.
نجاحات على المستوى العائلي والمهني
الفكرة الأساسية وراء هذه الظاهرة تكمن في أنّ المدوّنات يرغبن بعكس صورة ناجحة عن حياتهنّ وإظهار صورة إيجابيّة عنهنّ. ففي الكثير من الأحيان يتمّ اتّهام المدوّنات بأنهنّ ذات شخصيّة سطحيّة، وأنّهنّ لا يتحمّلن المسؤوليّة، وبأنّ لديهنّ هوساً بعالم الموضة، فلا يولين أهمّية لأيّ شقّ آخر من حياتهنّ. من هنا أتى تسليط الضوء على الأولاد، ليمنحهنّ صورة جديدة قائمة على العائلة الناجحة وعلى دورهنّ كأمّهات مثاليّات.
هل هذه الظاهرة صحّيّة للأطفال؟
إنّ إدخال الأطفال إلى العالم الافتراضي لا يُعتبر صحيحاً أبداً، ونشر صورهم بكثافة سيضرّ بهم حتماً في المستقبل. ففي البداية ليس من المحبّب إظهار صورهم دون أن نترك لهم حرّيّة الاختيار، وما إذا كانوا يرغبون بذلك أو لا. كما أنّه من غير المحبّذ إدخالهم في عالم غير واقعي. فضلاً عن ذلك، هناك دراسات عديدة أثبتت أنّ هذا النوع من الانتشار لا يعبّر فعلاً عن مدى اهتمام الأم بأولادها، بل على العكس، قد يكون عدم اكتراث منها لمصير أطفالها، فيكون كلّ همّها المحافظة على صورتها الشخصية أمام الرأي العام بينما هي ترمي مصير أولادها على قارعة الضباب.
هذا النوع من الأمّهات في الحقيقة هو الأخطر إطلاقاً، لأنّ الأمّ الأنانيّة تدرك كلّ المخاطر التي تحيط بأولادها، لكنّها تفضّل حماية شخصها على حسابهم. الحلّ في هذا الإطار صعب، حيث من الضروري التعويل على الدور الواعي للأم من جهة، وتذكيرها بالانعكاسات السلبية التي قد تطالها مستقبلاً من جهة أخرى، في حال لم تُحِط أطفالها بالعاطفة اللازمة على الأقلّ.
رأي علم الاجتماع
وللتعمّق أكثر في تفاصيل الموضوع، كان لنا لقاء خاصّ مع الاختصاصيّة في علم الاجتماع زاهرة رضا، التي علّقت قائلةً: "من أكبر الأخطاء التي قد ترتكبها الأمّ هي عرض أطفالها على وسائل التواصل الاجتماعي. إنّ هذا الأمر لا بدّ وأن يولّد لاحقاً هوساً لدى الطفل بعرض مختلف تفاصيل حياته للعلن في المستقبل. كما سيتأثّر الطفل بشدّة بآراء الناس وبأحكامهم، ممّا سينعكس سلباً على شخصيّته، حيث إنّه سيظهرها بطريقة خاطئة، خصوصاً إذا تعرّض للنقد أو للتجريح. فضلاً عن ذلك، لا يجب على أيّ أمّ أن تتّخذ قراراً من تلقاء نفسها بأن تعرض طفلها للناس، فهو له رأيه وشخصيّته ويحقّ له الرفض، من باب الحرّية الشخصية والمسألة الخاصّة".
هذا وأضافت رضا: "إنّ عرض صور للولد في عمر مبكّر للناس يؤثّر لاحقاً على دراسته وعلى مستواه التعليمي وعلى تركيزه، كما قد يزعزع علاقته بأصدقائه. لذا من الضروري على الأمّ أن تكون واعية جدّاً في هذا المضمار، وأن تفصل حياتها الاجتماعية عن حياة أطفالها، وأن تجعل تركيزهم الأساسي على الدراسة واللعب، فقط لا غير."
إقرئي ايضاً:
أضف تعليقا