حركة «ماسيه» ضد الحجاب تنتشر كالنار في الهشيم داخل إيران
حققت حركة ماسيه ألينجاد الاحتجاجية ضد الحجاب الإجباري في إيران، صدى واسعاً هناك بعد مرور 5 سنوات على انطلاقها؛ إذ انضم إليها آلاف النساء، محققة انتشاراً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، اختتم مؤخراً بتنظيم مظاهرات غير مسبوقة في شوارع إيران.
وبدأت الحركة عندما أرادت امرأة أن تستمتع بمداعبة الهواء لشعرها أثناء القيادة في طريق جبلي، وهو الأمر المكفول لأغلب النساء في العالم، لكنه محرم على المرأة الإيرانية منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
والتقطت ماسيه ألينجاد صورتها أثناء القيادة في ذلك اليوم ونشرتها على مواقع التواصل الاجتماعي منذ 5 سنوات.
ومنذ ذلك الحين، تشجع ماسيه غيرها من النساء على نشر لحظات حريتهن السرية، وهي الدعوة التي لاقت استجابة على نطاق واسع من آلاف النساء اللاتي نشرن صورهن دون حجاب من جميع أنحاء إيران فيما يشبه قصفاً بالصور تعرضت له مواقع التواصل الاجتماعي.
كانت هذه هي انطلاقة حركة «حريتي السرية» على وسائل التواصل الاجتماعي التي تناهض الحجاب الإجباري التي يُروج لها على الإنترنت هاشتاج « حريتي المسروقة»، وانبثق عن هذه الحركة وسوم أخرى «الأربعاء الأبيض»، و«فتيات شارع الثورة»، و«الكاميرا سلاحي».
ولدى ماسيه ألينجاد 2. 5 مليون متابع على مواقع التواصل الاجتماعي، ما جعلها من القوى التي تخشاها الحكومة الإيرانية.
تهديدات
في كتابها «الرياح تداعب شعري»، تحدثت ماسيه عن نشأتها في كنف أسرة محافظة في قرية صغيرة شمال إيران، وكانت تجبر على تغطية رأسها هي وجميع نساء وفتيات العائلة؛ ما ولد لديها شعوراً بالظلم الذي تتعرض له المرأة في ثقافتها.
وكثيراً ما رددت الصحفية والكاتبة الإيرانية أنها تحاول أن تكون «صوت من لا صوت لهم»؛ لأنها جربت لفترة طويلة من حياتها «كيف لا يكون لها صوت» عندما كانت في إيران.
لكن هذه الحملة لم تنطلق بلا ثمن؛ إذ لا تستطيع ماسيه، التي تعيش في منفاها الاختياري في الولايات المتحدة منذ عام 2009، أن تسافر إلى مسقط رأسها في إيران خشية اعتقالها.
كما مُنع والداها من السفر، توقف والدها عن التواصل معها؛ لأنه تعرض «لغسيل دماغ» من قبل الحكومة الإيرانية، وفقا لماسيه، وأصبحت التهديدات بالقتل من الأمور المعتادة في يوم ماسيه؛ إذ تتلقاها على مدار اليوم عبر الإنترنت.
وقالت الناشطة الإيرانية إنها تلقت تهديداً من أحد أعضاء ميلشيا الباسيج، جماعة شبه مسلحة مؤيدة لحكومة إيران، وذلك عبر رسالة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك جاء فيها: «سوف أذبحك، وسوف نقطعك إرباً ونرسلك إلى أسرتك».
وعند سؤالها عما إذا كانت تشعر بالندم لإطلاق هذه الحملة، قالت ماسيه: «أبداً، فهم يقولون لم يحن الوقت بعد للحديث عن حقوق المرأة منذ 40 سنة؛ لكن الآن لم يعد في إمكانهم السيطرة على النساء».
وأضافت: «أصبح الشغل الشاغل للحكومة الآن هو الحجاب الإجباري؛ مما يدلل على قوة هؤلاء النساء».
اعتقال 35 امرأة
كان رد فعل الحكومة عنيفاً؛، إذ اعتقلت السلطات حوالي 35 امرأة؛ لمشاركتهن في احتجاجات في العاصمة الإيرانية طهران، وهددت الشرطة المشاركات في المظاهرات ضد الحجاب الإجباري بإمكانية أن يتعرضن للسجن مدة تصل إلى 10 سنوات.
وفي أواخر أبريل الماضي، سحلت شرطة الأخلاق امرأة في طهران؛ نظراً لارتدائها حجاباً يكشف بعض شعرها، وهو الأمر الذي ينتشر حدوثه في إيران.
لكن الفرق بين ما حدث لهذه المرأة وما تتعرض له نساء كثيرات في الجمهورية الإسلامية هو أن هذا الاعتداء وُثق بالفيديو ونشرته ماسيه ألينجاد على حسابها على موقع التواصل الاجتماعي عبر الصور والفيديو إنستجرام ليشاهده أكثر من 3 ملايين مستخدم، جاذباً حوالي 30 ألف تعليق.
وأثار الفيديو استياءً عالمياً، خاصة بعد تصريحات أدلت بها ماسوميه ابتكار، نائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة، التي تساءلت: «كيف يمكن تبرير هذه المعاملة؟ »، وذلك في تغريدة نشرتها على حسابها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.
تنامي التيار
قالت نوليفار، اسم مستعار، إنها اعتقلت بسبب المشاركة في مظاهرة ضد الحجاب الإجباري، وأنها احتجزت لدى السلطات وتعرضت للتعذيب والضرب.
وأضافت الناشطة في حركة ماسيه التي لا تزال تعيش داخل إيران: «لابد أن يتحرك البسطاء معاً؛ حتى يدفعوا الحكومة للاستجابة لهم»، مؤكدة أن التواصل الاجتماعي يمكن الناس من مواجهة الرقابة.
وتابعت: «دائماً ما أقول إن الأمر لا يتعلق بأن نضع حجاباً أو أغطية على رؤوسنا؛ لكنه يتعلق بكرامتنا كآدميين»، مشددة على قناعتها بأنه «في السنوات القليلة الماضية، أي منذ بدء تنظيم فاعليات الأربعاء الأبيض، أصبح النساء أكثر جرأة وشجاعة».
ويعطي هذا الأمل لماسيه في قدرتها على إحداث فارق في إيران، وهي أيضاً بدأت ترى أن التغيير أصبح على بعد خطوات قليلة.
وقالت ماسيه: «إن هؤلاء النساء لا ينتظرن قانوناً لإزاحة الحجاب عن رؤوسهن، فهن يخلعنه بأيديهن».
وقالت شيفا راهبران، الكاتبة الإيرانية المهتمة بالشأن الثقافي والمقيمة في لندن، إن السلطات الإيرانية لم تعد قادرة على التصدي لهذا الاتجاه المتنامي، في إشارة إلى مطالبة النساء بحقوقهن.
وأضافت: «منذ قيام الثورة الإسلامية، تحولت جميع الجهود لكبح جماح كفاح المرأة؛ من أجل حقوقها إلى قوة اكتسبتها الإيرانيات واتساع لنطاق كفاحهن».
وقالت نوليفار: «الظلم الذي تواجهه المرأة الإيرانية لن ينتهي قريباً، لكنهم سوف يضطرون إلى قبول حقوقنا عندما تتحلى كل امرأة بالشجاعة الكافية للمطالبة بها».
أضف تعليقا