التسوّق الإلكترونيّ لبّى شغف السعوديّات
لكلّ زمانٍ مميّزاته وأساليبه وابتكاراته، أمّا زمننا، فيتّصف بالثورة التكنولوجيّة، التي شملت جميع نواحي حياتنا اليوميّة. ومن الآثار الكبيرة لانعكاس التكنولوجيا على الأخيرة هو التسوّق الإلكتروني، الذي بات أسهل وأسرع، موفّراً على مستخدميه الوقت والجهد.
وعلى مرِّ الأزمنة، عشقت السيّدات التسوّق، ومع اختلاف تفسيرات علماء النفس لعشقهنّ هذا، مقارنةً بشركائهنّ من الرجال، وبين الماضي والحاضر، تبقى النتيجة واحدة. هذا وتحتلّ السّعوديّة المرتبة الأولى عربيّاً في هذا الإطار، إذ يسجّل مواطنوها أعلى نسبة بين المتسوِّقين في الوطن العربيّ، بمعدّل 4 مليون متسوِّق، طبقاً للتقرير الصادر عن PayFort وMasterCard.
نسلّط الضوء في هذا التحقيق على أسباب عشق السعوديّات للتسوّق الإلكتروني وعلى تجاربهنَّ الخاصّة في هذا المجال، وعلى العوائق اللوجستيّة التي قد تواجه منصّات البيع، وذلك من خلال آراء سيّدات وخبراء معنيّين بهذا الشأن.
الوعي عند الشراء
منة فؤاد
عمرها: 29 عاماً.
تعمل: مسؤولة علاقات عامّة في شركة تنظيم فعّاليّات ومناسبات.
تقول: "التسوّق الإلكترونيّ إيجابيّ جدّاً، فهو يوفّر الوقت والجهد، ولكنْ في المقابل يجب أن يكون هناك وعيٌ عند شراء أيّ منتج عن طريق الإنترنت؛ مثلاً، لا أقتني ألعاب الأطفال ولا الأدوية عن طريقه، لأنّني لا أعرف مصدرها، إلّا أنّني تسوّقت مسبقاً العطور وأجهزة الهاتف الذكيّة من خلال موقعٍ عربيّ".
وعن تجربتها تقول: "في إحدى المرّات، اشتريت هاتفاً ذكيّاً، وعند وصوله إلى باب منزلي، لم تعجبني ميزاته، فاتّصلت بالشركة، التي استردّته وأعادت المبلغ المدفوع إلى رصيدي لديها. عليه أرى أنَّ أيّ تجربة تسوّق إلكتروني تعتمد على الحظّ".
ميزة شراء بضائع غير متوفّرة في السوق
نهلة عابد
عمرها: 27 عاماً.
تعمل: متخصّصة بفنّ ورسم المانجا، بكالوريوس لغة إنكليزيّة.
تقول: "ميزة التسوّق الإلكترونيّ في المملكة الحصول على البضائع غير الموجودة في السوق السّعوديّة. أحبّ التسوّق من المواقع المختصّة بالأزياء والمكياج، والتي لا تتوفّر بضائعها هنا".
وعن تجربتها تقول: "أتسوّق لنفسي ولصديقاتي اللواتي يطلبن منّي منتجات ويدفعن لي حال وصول الطرد. هناك الكثير من المواقع الجيّدة، وفي المقابل الكثير من المواقع التي تقدّم خدمات وبضائع رديئة؛ منها مواقع طلبات أدوات الرسم التي أحتاج إليها، حيث إنّ سعر الأصليّة يكون غالياً جدّاً مقارنةً بسعرها في المصنع، بالإضافة إلى الوقت الطويل الذي يستغرقه الشحن عادةً وعدم تطبيق سياسة الاستبدال والاسترجاع في كلّ المواقع".
تحديد المنتج المراد شراؤه
أمل محمد
عمرها: 34 عاماً.
تعمل: طبيبة أسنان مساعدة في جامعة الملك عبدالعزيز.
تقول: التسوّق الإلكترونيّ هو توفيرٌ للوقت والجهد دون أدنى شك، ولكنْ بطبيعتنا الإنسانيّة قد نندفع إلى عملية الشراء عبر مواقع التسوّق الإلكترونيّ أكثر من التسوّق المباشر، لعدم وجود السلع أمامنا بشكل محسوس. لذلك أجد أنّ جدولة المصروفات وتحديد ما أحتاج إليه بالضبط، قبل المباشرة بعملية التصفّح والشراء، من أهمّ الأمور التي يجب أن نضعها في عين الحسبان.
وعن تجربتها تقول: "جرّبتُ عدداً من المتاجر الإلكترونيّة المحليّة والعربيّة والعالميّة، وكانت تجربتي جيّدة وذات إيجابيّات، كتصفّح عدد لا محدود له من المنتجات والعلامات العالميّة وسهولة الطلب، مع توفير عمليّة الدفع والتوصيل بكلّ أمانة. أمّا سلبيّاتها، فقد تكون في عدم وصول المنتج في وقت قصير أو عدم مطابقة المقاسات فيما يخصّ الملابس والأحذية".
الثقة بالموقع هي الأهمّ
عبير عمرو
عمرها: 30 عاماً.
تعمل: مسؤولة تسويق في شركة تجاريّة.
تقول: "أحرص على أن أكون انتقائيّة في عمليّة الشراء عبر الإنترنت، حيث إنّ هناك بضائع من المستحيل أن أقتنيها، كالألبسة والأحذية والأدوية، لأنّها تختلف بين الصورة والواقع. أحبّ أن أرى القطعة قبل أن أشتريها: كيف ستبدو حال ارتدائها، من لونها وقصّتها وهكذا"...
وعن تجربتها تقول: "المهمّ الوثوق بالموقع، فمثلاً من الممكن أن أشتري الأغذية عن طريق المواقع الموثوقة، التي هي بالأساس مراكز تجاريّة كبرى أصبح لديها لاحقاً خدمة تسوّق إلكترونيّة. هذا واقتنيت مرّةً هاتفاً محمولاً عن طريق الإنترنت من متجرٍ عربيّ، وكانت التجربة جيّدة".
أسباب نموّ هذه الظاهرة
يعدّد الاختصاصيّ في علم الاجتماع الأستاذ صالح العنزي تسعة أسباب أدّت إلى نموّ ظاهرة التسوّق الإلكترونيّ:
- ميزة العصر وأسلوب الحياة:
التطوّر التكنولوجيّ الذي يتّصف به عصرنا فرض علينا واقعاً جديداً يتميّز بوتيرة أسرع. والإنسان، كما هو معروف عنه، يتأثّر مباشرةً بمتغيّرات الزمن.
- التسهيلات المصرفيّة:
للمواطن، من خلال بطاقات الفيزا، التي سهّلت عمليّة التسوّق.
- ثقافة المجتمع السعوديّ:
وذلك من خلال البعثات الدراسيّة التي أسهمت في فهم العالم، فقد نشرت بعض الصحف المحليّة إحصاءً مفاده أنّ 60 % من المجتمع السعودي يشتري عن طريق الإنترنت.
- السهولة والراحة:
كلّ ما يتطلّبه الأمر هو أن تلتقط المرأة جهازها المحمول وتبدأ بالنقر على المنتجات التي ستشتريها، دون عناء صعود الطوابق ونزول الأدراج والبحث لأيّام متواصلة في الأسواق لتجد بغيتها. وهذا ما دفع الكثير من السيّدات إلى اللجوء إلى التسوّق الإلكتروني.
- تعدّد الخيارات:
أيّ منتج تحتاج المرأة إلى شرائه يمكنها أن تختار غيره بسهولة. فإذا أرادت على سبيل المثال حقيبة يد، ستجد آلاف الخيارات المتاحة من شتّى العلامات التجاريّة.
- كثرة العروض:
ذلك بسبب انخفاض التكاليف على المواقع الإلكترونيّة، لغياب تكاليف رواتب البائعين أو بدل إيجار للمحلّات. لذلك تعتمد سياسة المواقع الإلكترونية على السعر المنافس.
- سياسة الإرجاع المجّاني:
إذا لم يعجبك المنتج، فيمكنك بسهولة إعادته إلى العنوان نفسه، مع طلب استبدال أو استعادة كامل المبلغ. وهذا الأمر متعب كثيراً في التسوّق الميداني.
- التوصيل المجّاني:
هذه الخدمة التي طرحتها مواقع التسوّق الإلكتروني جعلت إقبال المجتمعات عليها هائلة، فبالإضافة إلى الأسعار المغرية، تبقى خدمة التوصيل فيها مجّانيّة.
- شراء بضائع ليست متوفّرة في بلدك:
من أهمّ عوامل نموّ ظاهرة التسوّق الإلكتروني أنّه بات بإمكاننا شراء المنتجات غير المتوفّرة في البلد الذي نعيش فيه. فكلّ شيء أصبح في متناول اليد، ولا شيء يصعب الوصول إليه.
العوائق اللوجستيّة
أمّا عن العوائق اللوجستيّة التي تواجه منصّات التسوّق الالكترونيّ، فحدّثنا الأستاذ ياسر الحيدري، مشرف العمليّات في منصّة "دكّان أفكار" السعوديّة، في شرحه التالي:
- مشاكل الدفع عند الاستلام:
وهي عادةٌ يستخدمها السعوديّون بكثرة، وذلك بسبب عدم وعي المجتمع السعوديّ لثقافة التسوّق الإلكتروني الصحيحة، وهذا ما يجعلهم غير واثقين بالدفع مسبقاً عبر موقع إلكتروني سعوديّ، مخافة النصب والاحتيال عليهم. هذا التفكير يُحمِّلنا الكثير من الأعباء والتكاليف الإضافيّة بسبب إتاحة الوقت للعميل لتغيير رأيه، حتّى بعد طلب الشراء، لأنّه في النهاية لا يكون قد دفع شيئاً. ففي كثير من المرّات، يخرج أمر الشراء من المستودع ويرجع إليه بسبب عدم ردِّ العميل على هاتفه، أو تراجعه عن الشراء، أو استبداله بمنتج آخر.
- الفئة العمريّة:
تتراوح أعمار مستخدمينا بين 13 و40 عاماً تقريباً، 60% منهم من عمر الـ13 إلى الـ23 عاماً؛ هذه الفئة بالذات تضطرّ إلى استخدام خدمة الدفع عند الاستلام، بسبب صعوبة حصولها على بطاقة فيزا، مع الشروط الكثيرة التي تفرضها البنوك لدينا، بخلاف مصارف الدول الأجنبيّة التي تخوّل الطفل الحصول على بطاقة فيزا من عمر الـ11 عاماً.
إحدى أهمّ العوائق التي تواجهنا عدم وجود عناوين للشوارع وأرقام وترتيب لها في كلّ مناطق السعوديّة. أمّا بالنسبة للأماكن المعنونة، فقد لا يعرف العميل مثلاً اسم الشارع الذي يسكن فيه أو رقمه، لعدم وجود ثقافة العناوين لدى المجتمع السّعوديّ؛ ما يتطلّب من عامل التوصيل الاتصال بالعميل لأخذ العنوان منه بالتفصيل وبدقّة، وفي كثير من الأحيان، لا يردّ العميل على هاتفه، لظروف معيّنة، ما يؤدّي إلى إلغاء الطلب وإرجاعه إلى المستودع، وهذا يعني تكاليف إضافيّة.
إقرئي أيضاً:
أضف تعليقا