أبرز المحطّات في حياة الملك عبدالله بن عبدالعزيز
"يعلم الله أنّكم في قلبي أحملكم، وأستمدّ قوّتي من الله ثمّ منكم، فلا تنسوني من دعواتكم" (عبدالله بن عبدالعزيز).
لا أحد من الشعب السعودي ينسى هذه الكلمات التي قالها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله، لأنَّها خرجت من قلبه _رحمه الله_ صادقة، ووصلت إلى قلوب شعبه ومحبيه في أرجاء المعمورة، إذ خيَّم الحزن على الجميع بمجرد إعلان الديوان الملكي صباح الجمعة (23 يناير 2015) نبأ الوفاة، حيث وافته المنيّة الساعة الواحدة من صباح اليوم الجمعة، وتقرّرت الصلاة عليه بعد صلاة عصر الجمعة في جامع الإمام تركي بن عبدالله في مدينة الرياض، كما أعلن الديوان الملكي عن مبايعة صاحب الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملكاً للبلاد، والأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود ولياً للعهد.
"سبحان من سخّر له شعبًا يدعو له في الثلث الأخير من الليل، وسيدعو له غدًا في ساعات الإجابة، وفي كلِّ وقت"، فقد خيّمت حالة من الحزن على الأمّتين العربية والإسلامية بمجرّد إعلان الديوان الملكي نبأ وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز _رحمه الله_، وانتفضت مواقع التواصل الاجتماعي ليعلن كلُّ سعودي، بل وكلُّ عربي، عن حال الحزن الممزوج بالدعاء له بالرحمة من الله سبحانه وتعالى، بعد أن أمضى عمره كله في خدمة دينه ووطنه ومنح شعبه حبًا صادقًا فبادله حبًا بحب، وعطاءً بعطاء. فخلال تسع سنوات فقط من الحكم كانت له من الإنجازات الكثير، منها أنَّه أمر بإنشاء 28 جامعة، وإرسال 200 ألف مبتعث، وإنشاء 6 مدن طبية، و11 مستشفى تخصصيًا، و32 مستشفى عامًا، إضافةً إلى شبكة طرق برية وحديدية، وأعمال التوسعة في الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، والكثير من الأعمال الإنسانية التي منحته لقب "ملك الإنسانية" عن جدارة واستحقاق، سواء داخل المملكة العربية السعودية، أو خارجها.
تواضعه
حين منع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز_رحمه الله-، تقبيل يده، إنَّما أراد أن يرفع من شأن المواطن السعودي عالياً، مؤكّداً أنَّ هذه العادة أمرٌ دخيل على تقاليد المملكة، حيث قال: "إخواني، إنّ تقبيل اليد أمر دخيل على قيمنا وأخلاقنا، ولا تقبله النفس الحرّة الشريفة، إلى جانب أنّه يؤدّي إلى الانحناء، وهو أمر مخالف لشرع الله، والمؤمن لا ينحني لغير الله الواحد الأحد".
وأضاف: "لذلك أُعلن من مكاني هذا عن رفضي القاطع لهذا الأمر، وأسأل الجميع أن يعملوا بذلك، ويمتنعوا عن تقبيل اليد، إلا للوالدين برّاً بهم". فحتّى بعد سماعه لكلمة "مولاي" في إحدى الكلمات التي أُلقيت عند استقباله عدداً من الأمراء والعلماء والمشايخ وكبار المسؤولين وجموعاً من المواطنين المبايعين له عند تولّيه الحكم، قال: "يا إخوان، أحبّ أن أنقل لكم أنَّ الجلالة للربّ عزّ وجلّ، والمولى هو الربّ عزّ وجلّ، لا تقال لأيّ فرد".
عالِم مبكر
نهل الملك عبدالله بن عبدالعزيز من مدرسة والده ومعلّمه الأوّل الملك عبد العزيز وتجاربه في مجالات الحكم والسياسة والإدارة والقيادة، إلى جانب ملازمته لكبار العلماء والمفكّرين الذين عملوا على تنمية قدراته بالتوجيه والتعليم، أيّام صغره. لذلك حرص دائماً على التقاء العلماء والمفكّرين وأهل الحلّ والعقد، سواء من داخل المملكة أو خارجها . عاش الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كنف والده الملك عبدالعزيزبن عبدالرحمن آل سعود، فعلقت في ذهنه أحداث تلك المرحلة التاريخية، التي كانت مشحونة بالصراعات القبلية والفكرية في شبه الجزيرة العربيّة، إلى جانب التطوّرات السياسية في الوطن العربي وفي العالم أجمع إبّان الحربين العالميّتين.
أبرز المحطّات
في 11 رمضان 1382 هـ - 5 فبراير 1963، أصدر الملك سعود مرسوماً ملكياً يقضي بتعيينه رئيساً للحرس الوطني، والذي ظلّ يتولاه حتّى 11 ذي الحجّة 1431 هـ -17 نوفمبر 2010. وفي سنة 1395 هـ - 1975، عُيّن نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، وذلك مع تولّي الملك خالد للحكم. وفي 21 شعبان 1402 هـ - 13 يونيو 1982، نُصِّب الأمير فهد بن عبدالعزيز آل سعود ملكاً للملكة العربية السعودية، الذي أصدر في اليوم نفسه أمراً ملكياً بتعيينه نائباً أوّل لرئيس مجلس الوزراء ورئيساً للحرس الوطني. إضافةً إلى كونه ولياً للعهد، تولّى أيضاً عدداً من المناصب الأخرى، وهي: رئيس المجلس الاقتصادي الأعلى، رئيس المجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن، رئيس المجلس الأعلى للمعوقين، رئيس مؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للإسكان التنموي، رئيس نادي الفروسية في الرياض، رئيس مؤسّسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع، "موهبة".
التواصل الخارجي
قام بالعديد من الزيارات إلى دول العالم، إضافةً إلى الدول العربيّة، لتوطيد ودعم علاقة المملكة العربية السعودية مع جميع الدول الصديقة، كما قام بزيارة تاريخية لحاضرة الفاتيكان في روما، التقى خلالها مع البابا بنديكتوس السادس عشر، لدعم الحوار الإسلامي- المسيحي. كما رأس وفد المملكة في العديد من المؤتمرات الخليجية والعربية، وفي العديد من المؤتمرات الدولية والإقليمية، منها مؤتمر حوار الأديان في إسبانيا الذي ترأّسه، ومؤتمر حوار الأديان في الأمم المتّحدة، اللذان عُقدا عام 2008.
مبادرة السلام العربية
من أبرز ما قام به خلال السنوات الأخيرة من ولايته للعهد هو إطلاق مبادرته للسلام في الشرق الأوسط، التي صدّرها إلى العالم الصحفي والمفكّر الأميركي توماس فريدمان، وقدّمها في مؤتمر القمّة العربية التي عُقدت في بيروت عام 2002، والتي تقضي بانسحاب إسرائيل من كافة الأراضي العربية التي احتلّتها عام 1967، بما فيها الجولان والقدس الشرقية، وإعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وإزالة كلّ المستوطنات مقابل تطبيع عربي إسلامي كامل مع إسرائيل.
تولّيه الحكم
في يوم الإثنين 26 جمادي الثاني 1426 هـ - 1 أغسطس 2005، نُصّب ملكاً للمملكة العربية السعودية خلفاً للملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، وبويع أخوه الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود "رحمه الله" ولياً للعهد في نفس اليوم.
أحداث وأعمال في عهده
- الموافقة على انضمام السعودية إلى منظّمة التجارة العالمية بعام 2005.
- الإعلان عن مشروعات اقتصادية ضخمة، منها مدينة الملك عبد الله الاقتصادية ومدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد ومدينة المعرفة ومدينة جازان الاقتصادية ومركز الملك عبد الله المالي.
- التوسّع في برامج الابتعاث التعليمي للخارج وزيادة رواتب الطلبة المبتعثين إلى الخارج بنسبة 50%.
- التخطيط لإنشاء مدن اقتصادية في كلٍّ من رابغ وحائل والمدينة المنورة وجازان وتبوك.
- تأسيس جامعات جديدة في المدينة المنورة وتبوك وحائل وجيزان والطائف والقصيم والجوف والباحة وعرعر ونجران.
- إجراء تعديل في فقرة من فقرات النظام الأساسي للحكم بإنشاء هيئة البيعة، صدر يوم الخميس 28 رمضان 1427 هـ، وإصدار اللائحة التنفيذية لنظام هيئة البيعة بصيغته النهائية.
- دعوة القادة الفلسطينيين من حركتَي فتح وحماس إلى مؤتمر في مكة، وذلك لحلّ المشاكل بينهم وإنشاء حكومة وحدة وطنية فلسطينية.
- توقيع اتّفاقية للمصالحة بين الفصائل الصومالية المتحاربة برعايته.
- إصدار نظام القضاء ونظام ديوان المظالم بصيغة جديدة، بدلًا من النظامين السابقين.
- إنشاء الهيئة العامة للإسكان وهيئة الخطوط الحديدية وجمعية حماية المستهلك وشركة المياه الوطنية.
- الأمر ببدء التوسعة الكبيرة للمسجد الحرام في مكة في المنطقة الشمالية للحرم، والتوسعة في المسجد النبوي من الجهة الشرقية.
- القيام بأعمال توسيع للمشاعر المقدّسة في منى ومزدلفة وعرفات.
- وضع حجر الأساس لمشروعات عملاقة في جدة ومكة المكرّمة تفوق كلفتها 600 مليار ريال تحت مسمى "نحو العالم الأول".
- إنشاء "مستشفى الملك عبدالله للأطفال" ليكون مركزاً عالمياً لأمراض الأطفال، خصوصاً الأطفال السياميين.
- وضع حجر الأساس لجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، وذلك في يوم الأربعاء 29 شوال 1429هـ - 29 أكتوبر 2008، وتُعتبر أول جامعة في السعودية متكاملة خاصّة بالبنات.
- افتتاح مؤتمر حوار الأديان في مرحلته الثالثة، والذي أقيم تحت رعايته في تاريخ 12 نوفمبر 2008، وذلك أثناء انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ63 في نيويورك، وحضر المؤتمر العديد من دول العالم وأتباع الديانات المختلفة، واقترح في افتتاح المؤتمر إنشاء مؤسّسة عالمية للسلام والحوار الإنساني تنبثق من الأمم المتحدة.
- المشاركة في مؤتمر قمّة العشرين الاقتصادية العالمية، التي انعقدت في واشنطن العاصمة يوم 15 نوفمبر 2008، وأعلن من خلالها رصد المملكة مبلغ 400 مليار ريال لمجابهة الأزمة المالية العالمية، ولدفع عجلة التنمية والنهضة في المملكة، وضمان لعدم توقّف مشاريع التنمية فيها ولدعم وحماية المصارف المحلّية.
- إصدار الأوامر لوزارة المالية كي تتعاقد مع شركة عالمية متخصّصة في بناء السفن، لبناء سفينتين سريعتين لنقل الركّاب والمركبات بين مينائي جازان وجزيرة فرسان.
- اهتمّ بالنقل، حيث أمر بتوسيع طريق الهدا وطريق الجنوب، وأمر بإنشاء طريق جديد بين المدينة وتبوك.
- إصدار الأوامر بنقل المصابين من قطاع غزة إلى المستشفيات السعودية والتكفل بعلاجهم، جرّاء إصابتهم من الاعتداء الإسرائيلي على القطاع، والأمر بإقامة جسر جوّي لطائرات الإغاثة إلى مطار العريش في مصر تحمل أدوية ومواد غذائية وكل المستلزمات المعيشية. كما أمر بحملة شعبيّة لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في كافة أنحاء المملكة، وقد بدأت الحملة بتبرّع منه قُدّر بـ30 مليون ريال، دعمًا للحملة.
- إعلانه في مؤتمر القمّة العربية الاقتصادية، المنعقدة في الكويت بتاريخ 19 يناير 2009، عن نهاية الخلافات العربية – العربية، وعن فتح صفحة جديدة في العلاقات بين الدول العربية المتخاصمة في ما بينها؛ حيث أكّد على أنّ مبادرة السلام العربية لن تبقى على الطاولة أكثر ممّا بقيت، لأنّ إسرائيل تماطل فيها، ولا تريد تنفيذها، وأنّ أمام إسرائيل خيارين، إمّا الحرب أو السلام، وأنّ العرب قادرون على الصمود والحرب لاستعادة الأرض والكرامة المسلوبة. وأعلن عن تبرّع شعب السعودية بـ1000 مليون دولار لإعادة إعمار قطاع غزة وتعويض أهلها عن كلّ ما لحقهم من دمار وتشريد، مؤكّداً على أنّ الدم الفلسطيني أغلى من كنوز الأرض.
- عقد لقاء مصالحة بينه وبين العقيد معمّر القذافي، رئيس ليبيا السابق، وذلك أثناء انعقاد أعمال القمّة العربية في قطر في يوم 30 مارس 2009. وتمّت المصالحة برعاية أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، بحضور رئيس وزرائه ووزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، إضافةً إلى الأمير سعود الفيصل، وزير خارجية السعودية، على الرغم من أنّ القذّافي كان قد تهجم عليه أثناء الجلسة الافتتاحية قبل أن يطلب منه عقد الصلح.
- اهتمامه بتقنيّة النانو، وذلك بإنشاء مركز تقنية النانو بتكلفة 35 مليون ريال.
- افتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية - كاوست في 23 سبتمبر 2009، الذي يوافق اليوم الوطني للمملكة. وحضر حفل الافتتاح العديد من رؤساء الدول والوزراء.
- إنشاء مشاريع لتسهيل الحجّ، مثل جسر الجمرات الجديد، وقطار الحرمين السريع للربط بين المدينة المنوّرة ومكّة، وقطار المشاعر المقدّسة للربط بين مكّة ومنى وجبل عرفة ومزدلفة.
- إصدار مرسوم لإنشاء مدينة للطاقة الذرّية والمتجدّدة، لتوفير مصادر بديلة لتوليد الكهرباء وإنتاج المياه المحلاة. وكان مرسوم تأسيسها قد أسماها "مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرّية والمتجددة".
- إصدار أمر يقضي بحصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث والفتوى.
- افتتاح مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لسقيا زمزم بكدي.
- إنشاء "مؤسّسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود العالمية للأعمال الخيرية والإنسانية".
- إنشاء هيئة مكافحة الفساد، على أن تكون مرتبطة بالملك مباشرةً.
- تخصيص مبلغ 250 مليار ريال سعودي لبناء 500000 وحدة سكنية في جميع مناطق المملكة.
- وضع حجر أساس أكبر توسيع في تاريخ المسجد الحرام من حيث الحجم والتكلفة، بلغت تكلفته 80 مليار.
- قرار دخول المرأة كعضو في مجلس الشورى والترشّح والترشيح للمجالس البلدية.
- إصدار توجيهاته بتنفيذ مشروع توسعة المطاف بالحرم المكّي، والكفيل بزيادة الطاقة الاستيعابية من 50 ألف طائف بالساعة إلى 130 ألف طائف في الساعة.
- إنشاء خمسة مدن طبّية في جميع قطاعات الدولة.
- الأمر بإنشاء مدينة "وعد الشمال" الصناعية للاستثمارات التعدينية في عرعر.
- الموافقة على توسعة سكّة الحديد لتشمل القطاع الشمالي، واعتماد القطاع الجنوبي ضمن خطّة التنمية القادمة.
أضف تعليقا