الغياب القسري للزوج... هل من حلول؟
خوفاً من تقصير أو طمعاً بتحسين... هرباً من قساوة أو بحثاً عن راحة... أسباب كثيرة وحواجز صعبة تضعها الحياة أمام الزوج، فتجبره على الابتعاد قسراً، أحيانا، عن عائلته والسفر بعيداً، سعياً وراء لقمة العيش.
عندما تقف المسافات في وجه العلاقة الزوجيّة، تعكّر صفوها، وتفسد أجواء الوفاق والمحبّة التي تسودها، هل تتحدّى العاطفة القويّة التي تزيّن قلبَي الزوجين هذا البعد؟ هل تثبت أنّ ما يجمعه الله لا تفرّقه المسافات؟
في لقاء مع المتخصّصة في العلاقات الزوجيّة والصحة الجنسيّة، الدكتورة ساندرين عطاالله، استطاعت "الجميلة" أن تأتي بإجابات للعديد من الاسئلة الصعبة والمحرجة في بعض الأوقات.
عندما يغيب الرجل لمدة طويلة عن المنزل، كيف تتأثر علاقة الزوجين الحميمة؟
عندما تكون فترة الغياب طويلة، كأن تتعدّى السنة، تشعر الزوجة بوحدة خانقة وفراغ عاطفي قاتل. في هذه الحالة تستطيع الاستعانة بمخيّلتها وببعض الذكريات الحميمة مع زوجها، لكي تتخلّص من هذا الشعور السلبي. كما بإمكان الزوجيْن التواصل بالصوت عبر الهاتف أو بالصوت والصورة عبر الانترنت، الأمر الذي يساعدهما على إبقاء العاطفة بينهما مشتعلة.
ما هو التأثير النفسي الذي يتركه غياب الزوج على الزوجة؟
من الجدير توضيحه، أن العلاقة الحميمة بين الزوجين ليست فقط علاقة جسديّة إنما هي علاقة عاطفيّة تنبع من قلبيْن متحابيْن، لذا فإن الشوق الذي تشعر به المرأة في ظلّ غياب زوجها عنها، ينعكس سلباً على تصرّفاتها، وقد يورّط امرأة ما، أحياناً، في شبه حلول سريّة للاكتفاء الذاتي، وعلى الرغم من ذلك، نجد أنّ غالبيّة النساء يفضّلن عدم اللجوء الى أي حلول بعيداً عن أزواجهنّ، إذ يعتبرن أنّ القيام بمثل هذه الخطوة أمر معيب قد يولّد في داخلهنّ شعوراً بالذنب...
هل هناك أي تأثير لهذا الأمر على علاقة المرأة بزوجها فيما بعد؟
هنا يأتي دور الزوج في منع حدوث هذا الأمر، عبر إرضاء زوجته والقيام بما يسعدها ويشعرها بمدى شوقه لها. أما إذا شعرت الزوجة بأنّها تستطيع أن تكفي حاجتها بطريقة أفضل مما قد يقدّمه لها زوجها، عندئذٍ تصبح علاقتهما مهدّدة بالانهيار.
كذلك فإنّ صراحة المرأة مع زوجها أمر أساسي، حيث يتوجّب عليها البوح بما تشعر به وأن تطلب منه القيام بما يرضيها.
نجاح العلاقة من مسؤوليّة الطرفيْن
هل هناك فرق بين حاجة الزوج وحاجة الزوجة لهذه العلاقة؟
إن الاختلاف بين حاجة الرجل وحاجة المرأة للعلاقة الحميمة ليس اختلافاً كمّياً بل نوعيّاً. أي أنّ الاختلاف لا يكون حول قوّة الحاجة أو توقيتها بل حول نوعها. فحاجة الرجل هي حاجة بيولوجيّة أكثر منها عاطفيّة، في حين أن حاجة المرأة هي حاجة عاطفيّة بالدرجة الأولى.
هل من شأن هذا البعد القسري للزوج، أن يولّد لدى المرأة حالة من البرودة الجنسيّة؟
تأتي الرغبة بالعلاقة الحميمة نتيجة عامليْن أساسيّين: الأول هو عامل الهورمونات والثاني هو العادة. لذا فإنّ مسألة شعور المرأة بالبرودة الجنسيّة بسبب البعد القصري للزوج، أمر تستطيع المرأة تجنّبه عبر محاولة تخيّل الأوقات السعيدة مع زوجها للمحافظة على الشعور في داخلها.
هل من الممكن أن يشعر الزوجان بأنهما غريبان عن بعضهما البعض؟
هذا الأمر أيضاً يتطلّب جهداً من الطرفين: فالمرأة من جهتها، يجب أن تصارح زوجها بما ترغب به وبما يسعدها ويشعرها بالرضا. والرجل، من جهته، عليه أن يشعر زوجته بحاجته إليها وشوقه لها. كذلك فإنّ عمليّة التواصل المستمرّة بينهما، عبر الهاتف أو الرسائل القصيرة أو الانترنت، من شأنه أن يخفّف من قساوة المسافات التي تبعدهما.
ما هي نسبة احتمال حدوث فتور عاطفي بين الطرفين نتيجة البعد؟
يرتبط هذا الأمر بالعاطفة والمودة التي تجمعهما منذ الخطوبة وعندما كانا يعيشان تحت سقف واحد. فإذا كانت المشاعر التي كلّلت علاقتهما، منذ البداية، قويّة وصادقة ومتينة، عندها لن تفتر ولن تقلّ أبداً. أما إذا شعرت الزوجة بأنّها مهملة وغير مرغوبة، وفقدت الثقة بحبّ زوجها لها ورغبته بها، فمن شأن ذلك أن يؤدّي الى فتور في المشاعر.
هل من الممكن أن يؤدّي هذا البعد إلى إنفصال نهائي بين الطرفين؟
هناك العديد من الحالات المماثلة التي تنتهي بالانفصال النهائي بين الزوجين، إمّا بسبب الخيانة أو بسبب التوصّل الى قناعة لديهما بضرورة الانفصال، لأنّ استمراريّة الحياة الزوجيّة بينهما باتت تشكّل عبئاً للطرفين.
الرياضة... هل هي البديل؟
هل يمكن للنشاطات البدنيّة أن تعوّض هذه العلاقة؟
على الإطلاق. فرغم أنّ ممارسة الرياضة البدنيّة تحسّن من الوضع النفسي للإنسان، عبر زيادة هورمون "الأندورجين"، و"السيروتونين"، إلا أنّها لا تستطيع أن تزيد من هورمون "الأوكسيتوسين" الذي يفرزه الجسم أثناء العلاقة الحميمة. لذا فإنّ هذه النشاطات من شأنها أن تساعد في التخفيف من حدّة التوتر لدى الزوجة، ولكنّها لا تشكّل بديلاً عن العلاقة.
ما هو عدد المرات المثالي للعلاقة الزوجيّة الحميمة؟
وفقاً للإحصاءات الجارية في هذا الموضوع تبيّن أنّ عدد المرات التي يجب أن تتم فيه هذه العلاقة يتراوح بين مرّتين الى 3 مرات أسبوعيّاً.
ما هي نصيحتك للزوجة التي تعاني من غياب زوجها؟
أنصحها بالدرجة الأولى بأن ترافق زوجها أينما ذهب، فلا شي يوازي إحساس المرأة أو الرجل عندما يكونان سويّاً. أمّا إذا كان هناك موانع، فأنا أنصح الطرفين بالتواصل الدائم إما عبر الهاتف أو الإنترنت كما سبق وذكرت، كي يشعر كلّ منهما بأنّ الطرف الآخر قريب منه. كما أنّ خروج المرأة من منزلها وقيامها ببعض النشاطات على اختلاف أنواعها (بدنيّة- مهنيّة- ثقافيّة...) يخفّف من شعورها بالفراغ والوحدة.
أضف تعليقا