سرطان عنق الرحم بين الحماية والتشخيص والعلاج

عرف سرطان عنق الرحم تطوّراً ملفتاً في السنوات الاخيرة، خاصّة لجهة اكتشافه المبكّر وتشخيصه وعلاجه. كما واكتشف العلماء لقاحاً يحمي منه، ويجرى تسويقه منذ سنوات عديدة. ما هو هذا السرطان؟ وكيف تصاب المرأة به؟ كيف تتم الوقاية والتشخيص والعلاج؟ كلها أسئلة أجاب عنها الدكتور جوني بركات، الإختصاصي في الجراحة النسائيّة والتوليد والعقم.

 

  • ما هو سرطان عنق الرحم؟

إنها خلايا سرطانيّة تنمو في منطقة الرحم وتخضع لتحوّلات ممكن أن تكون حميدة، أو تحتوي في بعض الأحيان على فيروس الورم الحليمي أو Human Papilloma Virus (HPV)  المعدي، والذي يسبّب تحوّلات في الخلايا تتراوح من إلتهابات معيّنة إلى سرطانيّة. وهذه التحوّلات قد تحصل خلال الحياة الجنينيّة، أي في مراحل حمل المرأة.

  • كيف تتمّ العدوى؟

ينتقل بالتعرّض المباشر، أي بالاتصال الحميم بين شخصين، إذا كان أحدهما (رجل أو إمرأة) يحمل فيروس HPV، أو إذا تمّ الإتصال المباشر بأدوات عليها هذا الفيروس، مثل مشاركة الملابس الداخليّة أو ملابس السباحة أو مياه الحمام أو مياه بركة السباحة مع امرأة مصابة. هذا الفيروس يصيب عنق الرحم، ويسبّب تحوّلات تتطلّب وقتاً طويلاً نسبياً قد يمتد من 10 إلى 15 سنة لتصبح سرطاناً. وعندما اكتشف العلماء أنّ أكثريّة مريضات سرطان الرحم كنّ بسبب إصابتهنّ بفيروس HPV، تمّ تطوير لقاح يقوّي مناعة الجسم ضدّ الفيروس لمنع الإصابة لدى النساء والرجال أيضاً، إذ يمكن أن يسبّب أيضاً سرطان العضو الذكري.

 

اقرئي أيضاً مصير العلاقة الزوجيّة بعد استئصال الرحم

 

لقاح يقوّي مناعة الجسم

  • ما هو هذا اللقاح؟

بما أنّ الدراسات بيّنت لنا أنّ الإصابة بالسرطان ناتجة عن فيروس HPV في فئتيه: Squaman Cell Carcinoma وAdenocarcinoma، فقد جرى تطوير لقاح يقوّي مناعة الجسم ويحفّزها ضد هذا الفيروس. هذا وتمّ تسويقه من خلال صنفين: الأول Cervarix وهو يحتوي مكوّنات من فيروس HPV 16 و18؛ والثاني Gardasil ويحوي مكوّنات من فيروس HPV 16 و18 و6 و10 وهذين الأخيرين يسبّبان الإصابة بالتواليل التناسليّة.

  • لمن ومتى يُنصح بإجراء اللقاح؟

ينصح بإجرائه للنساء اللواتي لم يتزوّجن بعد ولم يخضن أي تجربة حميمة من قبل، وذلك للتأكّد من عدم إصابتهنّ بالفيروس. وأيضاً للنساء المتزوجات أو اللواتي لديهنّ تجارب حميمة ولم يكنّ قد أصبن بالفيروس بعد. كما يمكن اعطاء اللقاح للفتيات ابتداء من عمر 9 سنوات، ولكن من الأفضل اجراؤه للواتي بلغن سن المراهقة 15 أو 16 سنة، ذلك لأنهنّ يتمتّعن بمناعة أقوى.

هذا ويمكن إعطاء اللقاح للرجال وحتى الشباب منهم في سن المراهقة، على أن لا يكونوا قد أصيبوا بالفيروس من قبل.

  • كيف يتمّ إعطاء هذا اللقاح وهل هو بمتناول الجميع؟

يجرى هذا اللقاح الذي يتواجد في الصيدليّات أو لدى طبيب الأطفال أو طبيب العائلة أو الطبيب النسائي، على 3 مراحل، ويعطى على شكل حقن في العضل. أما نسبة الوقاية التي يؤمّنها (ما زالت الدراسات تتمّ عليه لغاية اليوم، ومنذ 8 سنوات أي فترة وضعه في الأسواق) فلا يمكن تحديدها بالكامل، إنما سُجّل هبوط مؤكّد في معدّلات الإصابة بالسرطان لدى النساء اللواتي حصلن على اللقاح.

 

اقرئي أيضاً العمليّات الخاصّة بالمناطق الحسّاسة لدى المرأة

 

التشخيص والعلاج

  • وكيف يتمّ تشخيص المرض؟

إنّ لمرض سرطان عنق الرحم عدّة مراحل، تتميّز كل واحدة بطريقة تشخيص مختلفة. ويتمّ التشخيص عبر مسح عنق الرحم، والقيام بزرع خاص لتحديد الإصابة أو عدمها، وكذلك تحديد أي فئة من فئات الفيروس تكون المرأة مصابة بها، ذلك لأنّ ليست كل الفئات مسبّبة للسرطان، إنما فقط تلك التي تحمل رقمي 16 و18. أما تحوّلات الخلايا التي قد تكون أصابت عنق الرحم، فممكن اكتشافها عبر ما يسمّى بفحص الزجاجة Pap Smear، وذلك بشكل دوري مرّة كل سنة. وبواسطة هذا الفحص يمكن للطبيب المختص بالأنسجة أن يحدّد لنا وجود خلايا غير طبيعيّة تنمو على عنق الرحم كما ويمكن تحديد نسبة نموّها وتفشّيها داخل عنق الرحم. ويمكن لهذا الفحص أن يوجّهنا لناحية أخذ خزعة Biopsy، لتؤكد لنا الإصابة بالسرطان وامتداده في العمق.

يمكن للسرطان أن يكون محصوراً في عنق الرحم أو أن يتفشّى إلى الأعضاء المحيطة بالرحم، الغدد اللمفاويّة، ومنها إلى الأعضاء البعيدة، وفي هذه الحالة يكون السرطان قد بلغ مرحلته الأخيرة أي الـ Metastase.

من هنا أهميّة إجراء فحص الزجاجة بشكل دوري مع فحص الإصابة بفيروس HPV، لتشخيص الإصابة في بداية المرض، ولسبب سهولة العلاج في هذه المرحلة.

  • كيف نعالج سرطان عنق الرحم؟

العلاج يختلف حسب درجة تفشي المرض:

  1. مرحلة ما قبل السرطان  Pre-cancer stageأي يوجد خلايا غير طبيعيّة لم تتحوّل إلى سرطان محدّد: يتمّ العلاج بواسطة اللايزر أو جلسات كهربائيّة Electrocoagulation، بعد أخذ خزعة للتشخيص.
  2. مرحلة تكوّن المرض دون تفشّيه خارج عنق الرحم: يمكن أن يتمّ استئصال العنق Conisation أو استئصال الرحم بالكامل Hysterectomy.
  3. مرحلة تفشّي المرض إلى الأعضاء المتاخمة للرحم أو إلى الأعضاء البعيدة: يصبح العلاج متخصّصاً أكثر، إذ تتمّ فيه  جراحة كبيرة مع علاجات سرطانيّة مرافقة، وفي أكثر الحالات نجري جلسات Radiotherapy.
أضف تعليقا